هل يجوز للزوجة الأولى طلب الطلاق بسبب التعدد

هل يجوز للزوجة الأولى طلب الطلاق بسبب التعدد

تُحب الزوجة زوجها كثيرًا، تُخلص له ولبيتها، تُعطه كل وقتها، وتهتم وترعى، وإذا ما تزوج عليها فإن الحسرة هي ما تعيش بقلبها، لا تتحمل ولا تتقبل.. ثم نراها تطلب الطلاق لتهدئة حسرتها، فهل يحل هذا لها؟

حكم طلب الطلاق بسبب التعدد

إن الله سبحانه وتعالى هو من أحلّ للرجل الزواج مرة واثنتين وثلاثة وأربعة، حيث قال جل في علاه في كتابه الكريم:
“وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا” ) النساء: 3.

هذا يعني أنه طالما سيبقى عادلًا، يُعامل كلا الزوجتين بالحُسنى بلا أي تقصير، فإن هذا لا يفرض عليه طلاقًا لأي واحدة من زوجاته.

الشيطان هو من يُوسوس للزوجة بضرورة طلب الطلاق بعد زواج زوجها عليها، وهذا السبيل يملك به إقناعًا لها بسبب لأنها بالفعل تكون جريحة الفؤاد، وتظن أن في هذا خلاصها وراحتها.

إلا أن الطلاق فيه ضياع، تشتيت لأسرتها، وسيبقى الغضب، ستبقى الغيرة، والشعور بالهزيمة يُلاحق هذه السيدة في كل مكان، ليست فقط مشاعرها تلك ما سيبقى يُطاردها، بل نظرات الناس والمجتمع كونها امرأة مطلقة.

لا يفوتك أيضًا: هل يندم الرجل بعد الزواج الثاني

ما جزاء من تصبر على زواج زوجها؟

هل يجوز للزوجة الأولى طلب الطلاق بسبب التعدد

حفاظ السيدة على بيتها من الانهيار ليس أمرًا مفروضًا عليها، بل هو من حكمتها وذكائها وصبرها على هذه الشدة، كما أن الأمر دلالة على قدرتها الكبيرة على التكيف مع أسوأ الظروف والحالات.

أمّا عن جزاء صبرها ذاك، فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل:

” فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26)” (الإنسان: 24-26).

لماذا على الزوجة الصبر وعدم الطلاق؟

إن الله سبحانه وتعالى حينما أباح للرجل أن يتزوج لأكثر من مرة كان لهذا حكمة بالغة، وهو ستر امرأة مسلمة، عفة لها وعفة للرجل في ذات الوقت، وأن تجد من يرعاها وينفق عليها، وعلى أولادها إن كانت مُعيلة، وهنا تتجلى قيمة القوّامة التي شرّعها الله.

حين تطلب الزوجة الأولى الطلاق من زوجها فإن هذا يغلي فكرة مشروعية الزواج الثاني وأهميته من الأساس، كأنه مخالفة لشرع الله!

متى يحق للزوجة طلب الطلاق بسبب التعدد ؟

إن الزواج عبارة عن رباط مقدس بين اثنين، قررا معًا بناء بيت يُذكر فيه اسم الله الواحد، ويُعبد فيه، ويتأسس على المودة والرحمة بين الزوجين.

بقاء الزواج يقترن دومًا ببقاء هذه القيم النبيلة، لكن إن اختفت، وأصبح زواجًا تعيسًا لا تجد الزوجة فيه تلبية لكل احتياجاتها النفسية والجسدية والمادية، فهذا يُفسد عليها سبب الزواج من الأساس.

لهذا السبب شرّع الله الطلاق، حيث قال الله تعالى:

“الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” (البقرة: 229).

لكن هذا لا يعني أن محض زواج الزوج على زوجته ضرر بالنسبة لها، وعلى إثره يكون طلبها الطلاق، فلا يكون التحايل على شرع الله هنا أمرًا صائبًا.

حيث قال صلى الله عليه وسلم: “أيُّمَا امرأةٍ سألت زوجَها طلاقًا في غيرِ ما بأسٍ فحرامٌ عليها رائحةُ الجنةِ”.الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود الصفحة أو الرقم: 2226 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

كيفية التأقلم مع زواج الزوج ثانية

لأن حكم طلب الطلاق بسبب التعدد للزوجة الثانية هو بالإثم غالب الأمر، فإن عليها أن تسلك نهجًا جديدًا، وهو بدء التأقلم على الوضع الجديد، أملًا في أن يجعل هذا حياتها أهون.

طلب الطلاق بسبب التعدد

1- الثبات الانفعالي

المبالغة في مظاهر الصدمة النفسية سيجعلك في حالة شديدة من الانهيار، غير قادرة على متابعة حياتك والاهتمام بأسرتك، وسيجعل من تعافيك أصعب بكثير إذا دخلت هذه الدوامة.

بل حاولي ترتيب أفكارك، والبحث عن الحلول للمشاكل التي ترين أنها باتت لديك الآن، وإياك من إظهار ضعفك في هذه اللحظة، أيًا من كان لا يستحق رؤيتك في حالة من الهزيمة.

لا يفوتك أيضًا: هل يندم الرجل بعد الزواج الثاني

2- لا تطلبي الطلاق سريعًا

طلب الطلاق في هذا الوقت ليس قرارًا حكيمًا، بل الأصل أن تجلسي لتفكري رويدًا، وتري كيف ستكون حياتك، وهل تحصلين على كامل حقوقك من الأساس أم لا؟ وعلى إثر هذا تأخذين القرار.

3- لا تنشغلي بالزوجة الثانية

المقارنات بينك وبينها طوال الوقت ليست حلًا أبدًا لتجاوز المشاعر التي تعتريك، لذا لا يجب عليك أن تعرفي صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعتها، هذا قادر على قتلك بالبطيء فتجنبيه تمامًا.

مشاعر الغضب والغيرة التي لديك من أفكارك الخاصة تكفيك، وسيكون جيدًا إن تمكنت من تهدئتها، فلا تجلبي لذاتك المزيد منها.

4- ابتعدي عن الإهانات

هذه السيدة باتت الآن على ذمة زوجك، وإهانتها وتلقيبها بكلمات مهينة مثل “خطافة الرجالة” هي كلمات تهين زوجك نفسه من الأساس.

إذا اخترت الإكمال في هذا الزواج.. فأنت ملزمة باحترام الأفراد المحيطين، بما فيهم السيدة التي تزوجها زوجك، هذا ما سيمنحك حياة مستقرة، وسيمكنك من التأقلم على الأمر، أمّا افتعال المشكلات لن يعطيك إلا حياة تعيسة.

5- ركّزي على ذاتك

إلهاك نفسك في أمورك الخاصة، سيساعدك كثيرًا على إبعاد رأسك عن الأمور التي تغضبك من هذا الزوج والمرأة التي حصل عليها.

تعلمي لغة أخرى، واكتسبي مهارات جديدة، طوري من شخصيتك بدورت تطوير الذات، وإذا تركت جزءًا من دراستك يمكنك إكماله.

6- أجلي مقابلة الزوجة الثانية

أنت الآن في حالة شديدة من الضعف، تشعرين بالدونية والنقص، وأن هذا ما دفع زوجك من الزواج بأخرى، وإن قابلتها وأنت في هذه الحالة فستكون حالتك النفسية مادة خام للاستفزاز من قبلها.

كما ستظهري في حالة ضعف وانكسار، وهذا ما لا تريدينه بالطبع، لذا اقضي 6 أشهر على الأقل تعملين فيها على ذاتك، وتطوير على كل المستويات، سواء في الشكل أو الشخصية، حينها فقط تكونين مستعدة.

7- اجعلي بيتك مغناطيس

اعلمي جيدًا أن الزوجة الثانية سيكون كل شيء جديد معها مميزًا بالفعل، تذكري أيام زواجك الأولى كيف كانت، لذا لا تتركي المجال لزوجك أن يشعر بأن البيت الآخر جنة، وبينك هو قطعة من جهنم.

لا يفوتك أيضًا: بحث عن الطلاق والآثار المترتبة على الطلاق وأسبابه PDF

8- اهتمي بالأطفال

إذا كان لديك أولاد من زوجك فعليكِ أن تعلمي أن ليس لهم أي ذنب في الوضع الذي أصبحتم فيه، وحالتك النفسية وما وصلت إليه، ليس ذنبهم أيضًا، فكوني حريصة أن يكبروا في سواء رغم ما حدث.

إن طلب الزوجة الثانية للطلاق بسبب التعدد ليس أمرًا يُبيحه الشرع، وما عليها إلا أن تصبر وتحتسب على ما أصاب قلبها.

إغلاق