بين الكويت القديمة والجديدة حكاياتٌ كثيرة؛ استدل المؤرخون على بعضها من الجدران والآثار، وسطر البعض الآخر ما نقرأه اليوم في المراجع التاريخية، بينما لا تزال جبالها حاضنةً على المزيد من الحكايات عن سكانٍ لا زالوا في انتظار من يحكي عنهم.
السكان الأُول للكويت القديمة
في سبيل الإجابة عن سؤال ” من أول من سكن الكويت؟” نعود بالتاريخ إلى الخلف كثيرًا؛ ففي العصور القديمة كان الرعاة يعتمدون على الكويت كمنطقة موسمية؛
حيث لم يكن بهذه المنطقة أي ينابيع أو مصادر للمياه العذبة تسمح بالاستقرار الدائم فيها، وقد جذبت المناطق الساحلية في الدولة العديد من جماعات الصيد الصغيرة، إذ كانت منطقة السواحل الشمالية للكويت غنيةً بالأسماك.
نظرًا لكونها مصبًا لنهري دجلة والفرات؛ تُعد منطقة الدلتا أو “رأس الصبية” أحد العوامل التي ساعدت في استقطاب مجموعات الصيد، لاحتوائها على الطين الغني بالمواد الغذائية من النهرين.
تم الاستدلال على تلك المجموعات مما تم اكتشافه من جدران حجرية وأواني خزفية في هذه المنطقة، وقد كان ذلك في الفترة من 4500 إلى 4000 قبل الميلاد.
في منطقة الخليج، ومنذ عام 6000 قبل الميلاد تراجع مستوى سطح البحر؛ ليسمح بالاستيطان البشري في هذه المنطقة، والتي تسمى “فيلكا”، هذا إضافةً إلى تميز المنطقة بموقعها الاستراتيجي، على طريق التجارة الساحلية بين الكويت والإمارات.
كما تم اكتشاف آثار مستوطنة تجارية تعود للعصر البرونزي، على تلال الجزيرة الجنوبية الغربية، بالإضافة إلى آثار من حضارة دلمون، التي كانت موجودة في عام 2300 قبل الميلاد تقريبًا، حسب ما تشير إليه بعض التأريخات.
عاود منسوب البحر في الارتفاع بعد عام 1600 قبل الميلاد، ما اضطر سكان جزيرة “فيلكا” إلى الهجرة، وقد أدى هذا التذبذب في ارتفاع منسوب الخليج وانخفاضه إلى خلخلة النظام الاستيطاني في المنطقة.
حتى دخول الإسكندر الأكبر إلى المنطقة في فترة تراجع منسوب البحر؛ حيث أعاد اكتشاف جزيرة “فيلكا”، وأطلق عليها اسم “إيكاروس“.
عندما مات الإسكندر في عام 323 قبل الميلاد؛ كانت الجزيرة مستوطنة من قِبَل العرب والفرس، وظلت محتفظةً بهويتها الهلنستية، وظلت اللغة اليونانية هي السائدة لعدة قرون، حتى نشأة الكويت الجديدة، والتي كانت قبل حوالي 400 عامًا من اليوم.
تعرف على: جميع أسماء قبائل الكويت وشخصيتهم الأكثر بروزًا
أول قبيلة استوطنت في الكويت
تشير المراجع التاريخية إلى أن أول من سكن الكويت في العصر الحديث؛ كانوا أفرادًا ومجموعة من العائلات، ينتمون إلى قبيلة تُسمى “العوازم“.
بالإضافة إلى بعض العائلات من قبيلة “بنو خالد”، والتي كانت ذات سلطة كبيرة، على المنطقة من الإحساء والبحرين، وحتى الكويت وأطراف البصرة.
قبيلة “العوازم” هي بطن من بطون قبائل “همدان” اليمنية، وقد بدأ ظهور القبيلة في الجزيرة العربية كان خلال العهد الإسلامي الأوسط، حيث شهدت هذه الفترة تكون عدة قبائل.
أصل القبيلة يعود إلى عرب الشمال العدنانية، تحديدًا قبيلة “قيس عيلان”، وقد تفرعت القبيلة عن عدة بطون، لكن ظلت تحت بطون قبائل “عامر بن صعصعة بن هوازن العدنانية”، حيث كانوا ينتسبون إلى جد قبيلة “عامر” الأكبر “هوازن”.
تنقلت القبيلة خلال تاريخها لفترة طويلة، حتى كانت آخر مرة التي رصدها التاريخ، في منتصف القرن السادس من الهجرة، وكانت من موطنها القديم “تهامة”، ثم بدأ اسم “العوازم” يتردد من جديد في منطقة الشرق، في منتصف القرن التاسع الهجري.
تتألف القبيلة من بطنين رئيسيتين، وهما “قويع”، و”غياض”، الذين برز منهم عدة عائلات كبيرة، أبرزها “البريكات” و”الشقفة” من “قويع”، و”أولاد فاضل” و “المساحمة” من “غياض”.
بمرور الزمن؛ جذبت الكويت إليها العديد من القبائل الأخرى، والتي كان أبرز من تم تأريخهم هم مجموعة قبائل من حلف “العتوب“، الذين قبلوا بالقطون في الكويت تحت إمرة “بنو خالد”، الذين استمروا في الحكم إلى أن تزعزع ملكهم، وطالب أهل الكويت بالاستقلال.
تعرف على: كم عدد قبائل الشيعة في الكويت
دلالات تاريخية على السكان الأُول للكويت
استكمالًا للإجابة عن سؤال ” من أول من سكن الكويت؟” أشارت العديد من الدلائل إلى استيطان العائلات القبلية في الكويت القديمة، ولعل أبرز هذه الدلائل الملموسة هي ما تم رصده من فرجان/ أحياء سكنية، تحمل أسماء تلك القبائل، فبالنسبة إلى قبيلة العوازم؛
فيوجد في وسط الكويت فريج كامل يحمل اسمهم، بالإضافة إلى فريج آخر يُعرف باسم “الصوابر“، والذي يشغل موقعه اليوم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
من القبائل التي أثبتت وجودها في التاريخ الكويتي قبيلة “مطير”، والتي تملك فريجًا باسم “المطران”، يقع بين مسجد الدمّاك/ هلال ومسجد العتيقي/ المطران.
قبيلة “العنوز” أيضًا من القبائل التي دللت على وجودها آثاريًا من خلال فريج “سكة عنزة”، وتنتسب إلى تلك القبيلة أسر الهويدي، والرشايدة.
بالإضافة إلى فريج آخر في الحي القبلي، المعروف باسم (جبلة)، كما أن من القبائل التي سكنت الكويت في تاريخها القديم “السبعان”، والذين اتخذوا من “براحة السبعان” مستقرًا لهم، فضلًا عن فريج “هلال المطل”، الواقع في شرق الكويت المدينة.
جديرٌ بالذكر أنه ورد في التاريخ دلالات تشير لوجود عائلات تنتمي لعدة قبائل متفرقة، مثل شمر، والظفير، وبني هاجر، ولم تستقر تلك العائلات في فرجان خاصة بها.
أعلام من سكان الكويت القدامى
بعد التعرف على ملامح من الإجابة عن سؤال ” من أول من سكن الكويت؟” نذكر أن التاريخ سجل أسماءً كثيرة من أبرز أعلام الكويت، والذين ذاع صيتهم في تاريخ البلاد في مجالات مختلفة، ومن هؤلاء الشيخ “مساع
د العازمي”، والأذينة، والأصفر، والهران، بالإضافة إلى نواخذة السفن المشهورين، على رأسهم النوخذة “حمد الزير”، و”طاحوس بن شديد” الشهير بالعتيبي، بالإضافة إلى نواخذة “بني عازم” و”آل دويلة”، و”آل العلبان”، و”الرشايدة”.
لم يقتصر أعلام الدولة على الحرفيين فحسب؛ إذ برز من أبناء قبائل الكويت عدة أسماء في مجال التعليم، ورجال الدين، والأدباء، ومنهم:
الشيخ “عيد بداح المطيري”، والشاعر “مطلق الجافور”، والملا “عبدالمحسن الظفيري”، والشاعر “إبراهيم بن خالد الديحاني”.
لم يغفل التاريخ عن تخليد أسماء بعض الفرسان المشهورين من أبناء قبائل الكويت، ومنهم “غصاب بن زمانان العجمي”، و”مرشد بن طوالة الشمري”، وغيرهم من الأعلام الذين خلد التاريخ بطولاتهم العظيمة في سبيل إعلاء اسم الكويت، أحياءً أو شهداءً.
أشهر قبائل الكويت
ربما لم يُعد في الحاضر مكانٌ لطرح تساؤل ” من أول من سكن الكويت؟”؛ إذ يضم الكويت تنوعًا كبيرًا بين طوائف شعبه، فهو يجمع بين العديد من أقدم القبائل والعوائل، ويمثل المنتسبون إليها أكثر من 65% من الشعب الكويتي المعاصر.
- قبيلة العوازم: تنتشر القبيلة في الكثير من البلاد العربية، ومنها مصر، وقد اشتهر عن أبنائها الجود والكرم، وتُعد أكبر قبيلة في الكويت، بالإضافة إلى أنها تمثل النسبة الكبرى في مجلس الأمة الكويتي، وسميت بهذا الاسم، لاشتهار أفرادها بالعزة والكرامة.
- قبيلة مطير: واحدة من أشهر قبائل الكويت، ويمتد تاريخها الطويل إلى ما يقارب 15 قرن، وتعود أصولها إلى عدنان، وتنقسم إلى ثلاثة فرق؛ برية، وعلوي، وبني عبدالله، وقد سميت بهذا الاسم الذي يعني غزارة المطر، كنايةً عن كرم أفرادها.
- قبيلة الرشايدة: تعتبر من السكان الأصليين لدولة الكويت، وسميت بهذا الاسم نسبةً إلى “رشيد بن شرول” من بني عدس، ويتعدى عدد أفرادها 10.000، منتشرين في عدة مناطق متفرقة.
- قبيلة الدواسر: إحدى أهم القبائل في الخليج العربي بالكامل، وتنتشر على مدار العديد من دولة، ويعود تاريخها إلى ما قبل الإسلام، وقد اشتهرت بالحرف اليدوية، مثل: الزراعة، والتجارة، والرعي، وتقطن منطقة الوفرة، والعبدلي، والقرين، والجهراء، بشكلٍ رئيسي، إلى جانب انتشارها في عدة مناطق أخرى.
- قبيلة الظفير: هي قبيلة من أصل حجازي، وتعود تسميتها إلى جدها الأكبر، وقد سكنت المدين المنورة، ولها تاريخ كبير في السيطرة على منطقة نجد قديمًا، ثم انتقلت إلى عدة مناطق مختلفة، من ضمنها الكويت، وانتشرت في مناطق مختلفة؛ ريفية، وحضرية، وصحراوية.
- قبيلة بني هاجر: تنتشر القبيلة في أقطار مختلفة من الوطن العربي، وتعود أصولها إلى القحطانيين، وتنتسب إلى “منصور السلطان”.
- قبيلة بنو عبس: تنتشر القبيلة في عدة دول، ومنها الكويت، وتُعد واحدة من أكبر قبائل البلاد، وتعود أصولها إلى منطقة نجد بجنوب الجزيرة العربية، وقد اشتهر أفراد القبيلة بالعديد من الصفات الحميدة، والتزامهم بالعادات العربية الأصيلة، وتعيش القبيلة على النشاطات البدينة، كالصيد والزراعة، إلى جانب الصناعة والتجارة.
- قبيلة حرب: تعود أصولها إلى القبائل القحطانية التي استوطنت اليمن قبل هجرتها إلى شبه الجزيرة العربية، كانت أقوى قبائل الكويت بين القرنين الثاني والرابع الهجري، وكان لأبنائها باعٌ كبير في الحروب المختلفة.
تعرف على: أول من سكن الكويت من القبائل العوازم أم الرشايده ؟
أشهر عائلات قبائل الكويت
القبيلة | العائلة |
بني تميم | الخرافي |
عنزة | الغانم |
الدواسر | بوخمسين |
ضم التاريخ الكويتي العديد من الأسماء البارزة سواءً على المستوى القبلي أو على مستوى الأفراد، ممن كان لهم دورًا بارزًا في تشكيل التاريخ المعاصر للدولة، وتمتعها بالقيمة التاريخية التي تمتلكها.