علم الأنساب اهتمت بها الكثير من الكُتاب والمؤرخين، فهو من العلوم التي تهتم باكتشاف شجرة وأضل كُل عائلة، فلكي يُصدر كتاب واحد يجتمع فيه عدد ضخم من الأنساب يتم استغراق وقت طويل، وقد اهتم بهذا المجال قديمًا وحديثًا لأن العرب يفضلون الاطلاع على نسبهم للاعتزاز والفخر به.
يُطلق على لعم الانساب “علم جينيالوجي” الهدف منه هو الاطلاع ودراسة كافة القبائل والعشائر ومعرفة تاريخهم وامتدادهم وأماكن استقرارهم، كما يتم الربط بين الأسر للوصول إلى بداية ونهاية تاريخ كل قبيلة، قد ساهم هذا العلم في تجنب الأخطاء التي تحدث في الانساب والاختلاط العمد والتزييف.
هذا العلم من العلوم الجليلة، وذلك يتضح من قوله عز وجل (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) سورة الحجرات – الآية 13 كما ورد عن النبي يحدث يوصي به العرب بالاطلاع على نسبهم وهو (تعلموا أنسابكم لتصلوا ارحامكم) لذا اهتم الكثير من العرب بهذا العلم الجليل لكي يقوموا بضبط نسبهم.
كان لهذا العلم فضل كبير، فتمكن كُل من لا يعرف نسبه وعاش مجهول الهوية أن يعود إلى قبيلته وموطنه، ونظرًا لمدى قدرة العرب على حفظ الأنساب فقامت العديد من الشخصيات بتدوين الأنساب منذ الجاهلية، بالرغم أنه في البداية لم يكُن علم مستقل بل كان مرتبط ارتباط وثيق بعلم التاريخ.
لكن مع كثرة المعنيين بهذا العلم وتعدد فروعه تم فصله لمدى أهميته وأصبح علم مستقل، وقد كان هُناك ارتباط بين الأنساب ومعادن العرب خاصةً في زمن النبي، فقد ورد عن الإمام أبو هريرة أنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم).
تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا، وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً، وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَيَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ. الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 5757 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه |
أي أن الناس يختلفون من حيث الأصول والنفوس فالبعض عُرف بمعدنه وأصله الطيب، والبعض الآخر بالأصل الخسيس، وبالتالي فإن معادن العرب كانت مرتبطة بمكارم الأخلاق مثل الكرم والصدق والعفة.
قد حدثنا النبي أيضًا على معادن الناس:
فقيلَ يا رسولَ اللَّهِ من أَكرَمُ النَّاسِ قال أتقاهُم للَّهِ، قالوا: ليسَ عن ذلِكَ نسألُك، قال يوسُفُ نبيُّ اللَّهِ ابنُ نبيِّ اللَّهِ ابنِ خليلِ اللَّهِ قالوا ليسَ عَن هذا نسألُك قال فعَن معادِنِ العربِ تسألونِّي؟ فإنَّ خيارَهم في الجاهليَّةِ خيارُهم في الإسلامِ إذا فقُهوا. الراوي : أبو هريرة | المحدث : أبو نعيم | المصدر : حلية الأولياء | الصفحة أو الرقم : 8/429 | خلاصة حكم المحدث : متفق عليه [أي: بين العلماء] من حديث يحيى | التخريج : أخرجه البخاري (3374)، ومسلم (2378) واللفظ له |
لا يفوتك أيضًا: أسماء أقدم قبائل في الإمارات وتفاصيل عن القبائل الأصليين
ضوابط علم الأنساب
قد يظن الكثير أن أمر الأنساب هين، بل ظهرت العديد من الأشخاص الذين يشككون في نسب النبي والصحابة والقبائل والأشراف، بل ويوجهونه لأنفسهم أو لكي يشوهوا هذا النسب.
- يجب أن يتحلى الباحث بهذا العلم بالإخلاص والأمانة في جمع المعلومات، فيتأكد أنه لا يغفل عن أي معلومة، وذلك لأن أي ثغرة قد تُغير من تاريخ قبيلة كاملةً.
- أن يكون على قدر كبير من التقوى والخشوع، فيكون من الأشخاص الذين يخافون الله في كل كلمة، وذلك لأن أي كلمة قد يقولها تُحدد نسب أشخاص، وبالتالي فإن عدم التأكد من صحة النسب قبل إعلانه والمراوغة فيه يكون له عذاب عسير سواء كان في الدنيا أو الآخرة.
- عدم التعامل مع هؤلاء الأشخاص الذين يستطيع أي أحد أن يقوم بشراء ذمتهم، فنُلاحظ أن الكثير من الأشخاص يستخدمون هذا العلم كوسيلة وليست غاية.
- قد أوضح لنا النبي أن الاطلاع عن النسب يجب أن يكون غاية كل إنسان ليصل رحمه، وهذا جعل الكثير من الباحثين يضطرون إلى تحمل مصاعب كثيرة لكي يتمكنوا من الحصول على أفضل النتائج.
- أن يكون مُطلع على كافة الكتب والتواريخ وذلك لأن ليست كل القبائل تتميز بنقاء الدم، خاصةً تلك القبائل التي تعرضت للكثير من الحروب والحمالات الاستعمارية كُل هذا كان له دور في ضياع أنسابهم.
- التأكد أن نتيجة البحث جاءت ردًا على من يقومون بتشويه والتشكيك في الأنساب خاصةً نسب النبي صلى الله عليه وسلم.
لا يفوتك أيضًا: جمال نساء القبائل السعودية.. وصفه وأسراره
كراهية التعمق في علم الأنساب
بالرغم من كثرة الأحاديث التي ورد عن النبي بمدى أهمية الاطلاع على علم الأنساب ومعادن العرب، إلا أن الرد جاء صادمًا للكثير من هم مهتمين بهذا المجال، حينما سأل أحدهم مختصًا بالدين حول أنساب النبي وبعض القبائل.
حينها أخبره الشيخ بعض من المعلومات وطلب منه أن يسأل أهل الخبرة المختصين بهذا العلم، حينما تعمقوا في الحديث معًا وذلك عملًا بقوله عز وجل: فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا {الفرقان:59}
وذكر له العديد من كُتب الأنساب.
لكن الشيخ قد أوضح أن بعض من أهل العلم أشاروا إلى ” كره التعمق في علم الأنساب فوق ما تدعو إليه الحاجة” فإذا علمت ما تصل به رحمك وما يكفيك فلا تتعمق أكثر بل أحصل على ما يُفيد، وذلك لأنه
نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في رجل تعلم أنساب الناس: (علم لا ينفع وجهالة لا تضر). رواه ابن عبد البر في التمهيد. الراوي : أبو الدرداء | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : لسان الميزان الصفحة أو الرقم : 1/359 | خلاصة حكم المحدث : قصة بينة الوضع
لا يفوتك أيضًا: أقوى 5 قبائل في العالم العربي
من هم المعتنين بالأنساب بالعصر الحديث
قد برزت العديد من الشخصيات في العصر الحديث الذين اعتنوا بعلم علم الأنساب ومعادن العرب وقاموا بنشر الكثير من الكتب، فقاموا بجمع العديد من الأسماء من الكُتب والسجلات ثم قاموا بربط الأسر معًا، حتى يتمكنوا من تحديد العديد من الانساب في كُتبهم.
- الشريف عصام بن ناهض الهجاري القتادي الحسني.
- النسابة الشريف أحمد ضياء بن محمد قللي العنقاوي الجمازي الحسيني.
- الشريف أحمد شقير العباضلي الحسيني عضو إعلامي بنقابة الأشراف الرسمية في مصر.
- محمد سليمان الطيب وهو أحد الباحثين وقيل إنه مؤسس موسوعة القبائل العربية.
- محمد أمين البغدادي العباسي قد صدر له (سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب).
- فائز البدراني، من الباحثين الذين قاموا بتدوين الأنساب والتحقيق في الوثائق.
- عبد الله العبار باحث في أنساب عنزة وهو من أصدر كتاب (أصدق الدلائل).
- عباس بصري نسابة ومؤرخ بالتاريخ العباسي وقد أصدر العديد من الكتب.
- الشريف محمد بن منصور آل زيد الحسني قد لقبوه بالنجدي وقام بتأليف كتاب (قبائل الطائف وأشراف الحجاز).
- الشريف محمد بن علي الحسني (الرئيس العام للرابطة العلمية العالمية للأنساب الهاشمية).
- حيدر بن نعمان العباسي الهاشمي قد أطلق له (موسوعة النسب العباسي الهاشمي).
- الشريف محمد بن حسين الصمداني الحسني.
- الشريف ماجد صلاح الدين، قد عمل في عرض أنساب الاشراف في مصر.
- الشريف عصام الحويري الرباطابي الجعلي العباسي الهاشمي عمل عضو في الأمانة العامة لأنساب السادة العباسيين في مصر.
- الشريف صبحي محمد علي عيد، رئيس لجنة تحقيق الانساب في نقابة الاشراف بالديار المصرية وقد توفي في عام 2009.
- الشريف راجح بن حمود الكريمي العبدلي (نسابة قائف).
- الشريف حسان بن محمد علي الزينبي الجعفري.
- الشريف الدكتور فهد بن حسين العباس الهاشمي القرشي (ألف مع مع بعض النسابين كتاب نبذات الوصل لذرية أمير المؤمنين الخليفة أبي جعفر منصور المستنصر بالله العباسي).
- الشريف أحمد بن عبد اللطيف الجعفري الطيار الأحسائي.
- الشريف احمد بن سليمان الرفاعي الحسيني الهاشمي تم نشر كتاب له وهو (منية الطالب في نفي الشوائب) وهو ينتمي إلى أسرة باحثين كابر عن كابر.
- السيد الشريف عبد الله آل حسين الهجاري الحسني الهاشمي صاحب مبرة الآل والأصحاب في الكويت.
- سطام بن زكي العباسي الهاشمي صدر له العباسيون عبر التاريخ (تاريخهم ودورهم السياسي والاجتماعي).
- حمد الجاسر يُعد من العلماء المؤرخون، وهو واحد من العلامات في علم الانساب، وقد أصدر بعض من كُتب المعاجم.
- حشيم البركاتي عمل باحثًا في أنساب الأشراف وقام بكتابة العديد من الرسائل والمشجرات.
- حسني بن أحمد بن علي العباسي عمل مؤرشفًا في أنساب العباسيين وقد تم إصدار كتاب له وهو كتاب الأساس في أنساب بني العباس.
- ابن عقيل الظاهري باحث ذو باع في الأنساب والتاريخ والأدب العربي.
- عماد محمد العتيقي.
علم الأنساب عند العرب جاء ليلغي فكرة التشويه في الأنساب، وجاء ردًا على كُل من يُزيف تاريخ قبيلته، فقد كان هذا العلم بمثابة النور الذي أنار العديد من الأفُق.