تتشعب الحياة بالبشر ليواجهوا بها مواقف غاية في التركيب والتعقيد تؤول بهم إلى الكذب، مضطرين لذلك، وفي ذلك أحكام متفاوتة اتسعت لها شريعة الإسلام، مؤكدةً أنه دين يعنى بتطبيقات الحياة العملية نفس اهتمامه بالعبادات والمسالك الروحية.
الحلف بالمصحف كذبًا
يسمى حلف اليمين بالكذب دون الاضطرار يمين الغموس، وهو أن يتوقى المرء تطبيق حدٍ عليه فيلجأ للحلف، التوبة تكون بين الحالف وربه إذا كان صادقًا في توبته.
حلف المرء مضطرًا لدرء أذى يصيبه إذا لم يحلف، يرى هو فيه ظلمًا واقعًا عليه هو بريءٌ منه، فيحلف المرء أنه لم يفعل كذا وكذا دون اضطرار فهذه يمين الغموس وعليه أعظم الذنب منها، وعليه أن يسارع بالتوبة ويصلح ما أفسده بحلفانه.
لا يفوتك أيضًا: هل المسيحي الشهيد يدخل الجنة ؟ وهل يجوز الترحُم عليه
حكم الحلف كذبًا بقصد الخير
ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
” ليس الكذَّابُ الذي يُصْلِحُ بينَ النَّاسِ فيقولُ خَيرًا، أو يَنْمِي خَيرًا، قالتْ: ولم أسمَعْهُ يُرَخِّصُ في شيءٍ ممَّا يقولُ النَّاسُ مِنَ الكَذِبِ إلَّا في ثلاثٍ: الإصلاحِ بينَ النَّاسِ، وحديثِ الرَّجُلِ امرأتَهُ، وحديثِ المرأةِ زَوْجَها”. الراوي: أم كلثوم بنت عقبة | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الأدب المفرد | الصفحة أو الرقم: 297 | خلاصة حكم المحدث: صحيح | التخريج: أخرجه
يحدد العلماء المسلمين مقاصد الحاجة للكذب إلى ثلاث: إنقاذ نفس المسل، أو ماله، أو نحو ذلك، أما الإمام النووي يُعلل بقوله بأن الكلام وسيلة للمقاصد، وإن لم يجيز الكذب إلا في حالة الاضطرار.
لا حرج أن يكذب المرء إذا أراد أن يدار الضرر عن عياله، فالأصل في الحلف الكاذب الامتناع إلا إذا ترتب عليه دفع مضار أكبر من ضرر الأذناب.
لا يفوتك أيضًا: هل يجوز سب فرقة بتس BTS وشتمها ؟
حكم الحلف على المصحف كذبًا
ت
يذهب جمهور الفقهاء إلى أن الحلف بالمصحف يمين كغيره من الحلف، ينطبق على ذلك الحلف بالمصحف نفسه أو بآية منه، أو بكلام الله بصورة عامة.. فأكد العلماء أن ذلك يؤدي إلى غضب عظيم من الله؛ لكونه يمين غموس.
لكن يجب التنويه يختلف أهل العلم في كفارة الحلف على المصحف: أهي مغلظة أم لا؟ لذا من الواجب التكفير عنه مثل كفاية اليمين الغموس، ألا وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو صيام ثلاثة أيام متتابعات، وذلك لقوله:
﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [ سورة المائدة: 89]
في ختام الحديث حول سؤال هل يجوز الحلف بالمصحف كذبًا عند الضرورة الإسلام دين للدنيا والآخرة، ويتسامح الدين الحنيف مع علل الكذب الوجيه، والكذب بقصد الخير والمنفعة.