إنشاء آداب زيارة الأقارب والأصدقاء والمريض

إنشاء آداب زيارة الأقارب والأصدقاء والمريض

لم يغفل الإسلام عن أي شيء سواء فيما يتعلق بالأحكام الدينية أو الدنيوية، ففرض علينا الآداب والأحكام التي تُقيّد أفعالنا بما يُفيد ويُحقق التكافل والتعاون المُجتمعي.. فكانت آداب الزيارة سببًا في ترابط المُجتمع وتآلفه ونشر المحبة بين أفراده.

عناصر إنشاء آداب زيارة الأقارب والأصدقاء

يُعتبر أهم المواضيع التي يجب أن يحرص الطُلاب على تعلُمها والاطلاع عليها؛ إذ أن ما ينشأ عليه الطفل في الصِغر يستمر معه إلى الكِبر.

  • مقدمة إنشاء آداب الزيارة
  • آداب الزيارة في الإسلام
  • أنواع الزيارة في الإسلام
  • آداب الزيارة في القرآن والحديث
  • فضل الزيارة في الإسلام
  • خاتمة إنشاء آداب الزيارة

مقدمة إنشاء آداب زيارة الأقارب والأصدقاء

تُعد الزيارة من الأمور الهامّة للحياة المُجتمعية بشكل عام، ولحياة الأفراد بشكل خاص؛ إذ أنها تعود على الفرد بالكثير من الفوائد والفضائل؛ إذا حرص أن يؤديها وفقًا لآدابها.

آداب الزيارة في الإسلام

تتعد آداب الزيارة في الإسلام فعلى المُسلم التحلي بها والالتزام بها؛ مُراعاةً لحق الغير.

1- النية من الزيارة

لا بُد من استحضار النية الطيبة التي تترتب عليها الزيارة، روى عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن الرسول: ” إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى..” (صحيح).. فيجب أن يكون المقصود من الزيارة أمورًا طيبة.

  • صلة الرحم.
  • المحبة.
  • عيادة المريض للتخفيف عنه.
  • مُحاولة تفريج همه.

فتكون الغاية من الزيارة خالصة لله تعالى؛ بقصد الأجر والثواب، خالية من الرياء والعمل غير الصالح.

2- مراعاة أوقات الزيارة

هُناك بعض الأوقات التي نهى الله -تعالى- عن زيارة الغير، فقال تعالى:

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ [النور:58]

ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”  [ref][ سورة النور: 58][/ref]

إذ تُبيّن الآية السابقة أوقات الزيارة التي لا تتناسب مع المُسلم، ولا تقتصر آداب الزيارة ومواقيتها على الأجانب فقط؛ بل على الأقارب والأهل الاستئذان قبل زيارة ذويهم.

  • قبل صلاة الفجر.
  • وقت الظهيرة؛ إذ هو موعد لنوم الناس “القيلولة”.
  • بعد صلاة العشاء.

كذلك يجب مُراعاة أخذ موعدًا للزيارة قبلها؛ فكثيرًا ما يكون الناس غير قادرين على استقبال الزائرين؛ نظرًا إلى انشغالهم في المُذاكرة وطلب العلم، أو العمل وإنجاز المهمات.. لذا يجب تحري تفرغه أولًا قبل الزيارة وأخذ الإذن.. وإلا فلا تبادر بالزيارة.

لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن الطرق والمواصلات بالعناصر كامل PDF

3- مراعاة الحديث بصوت منخفض

إذ على الزائر أن يكون مُنخفض الصوت داخل منزل الزائر؛ بحيثُ لا يصل صوته إلى خارج المنزل، فهذا ليس من الأدب والذوق العام..

حتى عند الغضب أو التعرض إلى موقف مُسيء فعليه أن يكظم غيظه، ويمنع صوته من الارتفاع.

4- عدم إمامة الصلاة في بيوت الآخرين

كثيرًا ما تأتي أوقات الصلاة أثناء الزيارة، ولا يجب حينها تركها إلى أن تعود إلى المنزل؛ بل تُصليها مع صاحب المنزل، وهُنا يجب مُراعاة أمرًا مّا.. هل يحق لك الإمامة في الصلاة في بيوت الآخرين؟

لا مانع من ذلك إذا أذن صاحب المنزل بذلك؛ إلا أن الأفضل أن يكون هو الإمام، لئلا تتعدى على حقه في منزله،

قال -صلى الله عليه وسلم-:

(ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه فإذا أذن فأرجو أن الإذن في الكل ولم ير به بأسا إذا أذن له أن يصلي به). [ref]الراوي : أبو مسعود عقبة بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي | الصفحة أو الرقم : 2772 | خلاصة حكم المحدث : صحيح[/ref]

5- الجلوس حيث أذِن له صاحب البيت

يشمل المنزل الكثير من الغُرف والأبواب المُغلقة.. فعليك كزائر أن تُراعي الجلوس في المكان الذي أخبر به صاحب المنزل، وعدم مُحاولة التعدي عليه إلى أماكن أخرى قد لا يرغب بها؛ إذ أنه أعلم الناس ببيته وأكثر قُدرة على تحديد المكان الذي لا يكشف عورات أهل البيت.

6- أن تكون الزيارة محددة

فلا يُفضل الإكثار من الزيارة؛ إذ أنه يُعتبر تطفُلًا وتعديًّا على حق الغير، فيجب مُراعاة أن تكون الزيارة مُدة مُحددة بالاتفاق مع صاحب المنزل؛ حيث يجب أن تكون بعيدة عن أوقات النوم والراحة، وأوقات تناول الطعام؛

مما يُضايق أهل المنزل؛ فلا يتمكنون من أداء مهامهم أو الراحة في منزلهم بالشكل المطلوب، لذا عليك مُراعاة حقوقهم، وعدم إطالة المكوث.. أو زيادة عدد أيام الزيارة.

7- أن تكون الزيارة نافعة

لا يُحبّذ أن تكون الزيارة مُقتصرة على الترفيه والحديث عن الغير والأقوال والغيبة، فغالبًا ما تقتصر الزيارات على هذه الأمور؛ والتي هي منهي عنها؛

بل من الكبائر التي تودي بصاحبها في العواقب غير المرغوبة في الآخرة.. قال -صلى الله عليه وسلم-:

(إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها ، يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب ) [ref]الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 1678 | خلاصة حكم المحدث : صحيح[/ref]

لذا فمن الأفضل أن تكون الزيارة نافعة بعيدة عن المُحرمات “اللهو، شُرب الدخان، الألعاب المُحرمة.. وغيرها من المُنكرات”، خالية من الحديث الخاطئ والحديث عن الغير؛ والاستفادة من الزيارة بأقصى قدر مُمكن؛ فهي من الأوقات التي يُسأل عنها العبد فيما أفناها.

8- غض البصر عن المحارم

هُناك من يُطلقون أنظارهم في أنحاء البيت أثناء الزيارة؛ ورُبما يصل نظره إلى المحارم في البيت؛ مما يتسبب في المُشاحنات والخِلافات الكبيرة..

يُعد غض البصر من الأمور التي دعا إليها الإسلام بشكل عام، قال تعالى: “يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ” (سورة غافر: الآية 19).

لذا فلا تُطِل وتستبيح النظر، فلا يملِكُ الإنسان نظراته في كثير من الأحيان، ولا يقصر غض البصر عن المحارم فقط؛ بل يجب مُراعاة عدم النظر إلى ما في البيت ونقل ما يُشاهد إلى الآخرين..

كما أن النظر كثيرًا ما يؤدي إلى الحسد والحِقد على ما رزق الله الغير دونًا عنّا، فيؤذينا ويؤذي غيرنا، فالحسد من الأمور التي نهى الدين عنها؛ إذ يزرع الأحقاد والضغائن في قلوب الناس، ويُفسد العلاقات.

9- عدم التجسس وإطلاق السمع

نهانا الله عن التجسس بشكل عام؛ فما ظنُك بالتجسس على من تزورهم ويأمنوك في بيتهم ! فهُناك من يتتبع عورات الآخرين ويستغلها بشكلٍ سيء، حتى وإن لم يستغلها فلا يجب عليه القيام بمثل ذلك؛ إذ أنه من الأمور المُحرمة، قال تعالى: “ولا تجسسوا..”  [ref](سورة الحجرات: الآية 12)[/ref].

10- عدم ترك الحرية للأطفال أثناء الزيارة

كثيرًا ما يصحب الزائرون أبنائهم عند زيارة الغير، ولا يملك الأطفال تصرفاتهم أحيانًا كثيرة، فيتشاغبون و يعبثون في البيوت ويدمرون حاجاتهم ، فيؤذون الآخرين في بيوتهم.. لذا على الأهل عدم الإغفال عن تلك الأفعال بحجة أنهم أطفال يلعبون؛

بل عليهم أن يمنعوا الأبناء من العبث، ويُعلمونهم آداب الزيارة واحترام الآخرين، والحد من وقت الزيارة قدر الإمكان لتقليل الخسائر والضرر، وتعويض أهل البيت إذا أحدث الأطفال الضرر.

لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن الجار وحقوقه وواجبنا نحوه

إنشاء آداب زيارة الأقارب والأصدقاء

11- عدم الانصراف دون استئذان

على الزائر قبل الانصراف عن الزيارة الاستئذان من أهل البيت؛ حتى لا يمُر في طريقه بأمر لا يجب عليه رؤيته، وعليك قبل الانصراف أن تُعبر عن سعادتك بالزيارة، وشُكر أهل البيت لمجهودهم وإحسانهم.

أنواع الزيارة في الإسلام

حصر الإسلام الزيارة في ثلاثة أنواع؛ فكان لكُلٍ منها حُكمًا خاصًا، وتُطبق آداب الزيارة على جميعها.

  • زيارة واجبة: صلة الرحم وبر الوالدين؛ إذ أنهما من الأمور الواجبة التي يجب أن نُحافظ عليها وجوبًا لا تفضلًا.
  • زيارة مستحبة: الزيارة غير الواجبة، والتي تكون من أجل الحِفاظ على المودة والرحمة بين الأقارب والأصدقاء.
  • زيارة مسببة: زيارة الأقارب أو الأجانب بغرض؛ إما العزاء أو الفرح أو التهنئة، فأحيانًا ما يكون مُستحبًا، وأحيانًا أخرى يكون واجبًا.

إنشاء آداب زيارة الأقارب والأصدقاء من القُرآن والحديث

  • قال تعالى:

    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ. حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [ سورة النور: 27]

  • عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:

    “زارَ رجُلٌ أخًا لَهُ في قريَةٍ فأرْصَدَ اللهُ لَهُ ملَكًا علَى مَدْرَجَتِه ، فقال : أينَ تُرِيدُ ؟ قال : أخًا لِي في هذِهِ القرْيَةِ ، فقال : هل لَّهُ عليكَ مِنْ نعمةٍ ترُبُّها ؟ قال : لَا ؛ إلَّا أنِّي أُحِبُّه فِي اللهِ ، قال : فإِنَّي رسولُ اللهِ إليكَ أنَّ اللهَ أحبَّكَ كمَا أَحْبَبْتَهُ” [ref]الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 3567 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (350)، ومسلم (2567) باختلاف يسير[/ref]

  • قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

    (مَن أحَبَّ أنْ يُبسَطَ له في رزقِه، ويُنسَأَ له في أجَلِه، فلْيتَّقِ اللهَ ولْيصِلْ رحِمَه). [ref]الراوي : أنس بن مالك وأبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 5956 | خلاصة حكم المحدث : صحيح[/ref]

فضل الزيارة في الإسلام

  • التقرُب إلى الله.
  • الحِرص على إبقاء التواد والتراحم.
  • من العبادات التي أوصى بها الرسول؛ إذ تُقربنا منه وتزيد من محبته.
  • التعاون والتآلف بين الأفراد.
  • تعزيز الروابط المُجتمعية، والتنبيه عند الغفلة.
  • تعليم الأُميّ.
  • الحد من الآلام والهموم والمتاعب.
  • الترويح عن النفس.

لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير كيف نخدم الوطن كامل بالعناصر

خاتمة إنشاء آداب زيارة الأقارب والأصدقاء

الزيارة من الأمور الحميدة التي دعا إليها الإسلام، خاصة إذا كانت صلة رحم أو زيارة المريض أو الأقارب.. ويُعد ترحيب الناس بالزائر معروفًا بينهم، فيُحسِن إليه ويُجبر خاطره ويُخفف عنه..

عليك الالتزام بآداب الزيارة.. مهما كانت درجة قُربك ممن تزور، فقد لا يظهر أثر زيارتك الثقيل عليه؛ خوفًا من إيذاء مشاعرك، إلا أنه يؤثر على علاقتكما.. وللبيوت حُرمات احرص ألا تنتهكها.

إغلاق