معلوم أن الأضحية هي ذبحها في عيد الأضحى، بينما العقيقة، هي ما يقوم به أهل المولود من ذبح شكر لله على النعمة، وكلاهما من السنن المؤكدة، لذا تساءل البعض عن إمكانية الجمع بينهما، فهل يجوز ذلك؟
هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة؟
اختلف الفقهاء في تلك المسألة إلى رأيين:
1- الرأي الأول
هو رأي المالكية والشافعية ورواية الإمام أحمد رحمه الله ورضى عنه، حيث اتفقوا على أن الأضحية لا تُجزئ عن العقيقة.
استدلوا على ذلك: بأن كلًا من الأضحية والعقيقة مقصود لذاته، فلم تُجزئ إحداهما عن الأخرى.
قال الهيتمي رحمه الله:
“وَظَاهِرُ كَلَامِ َالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِشَاةٍ الْأُضْحِيَّةَ وَالْعَقِيقَةَ لَمْ تَحْصُلْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ.”
قال الحطاب رحمه الله”
: قَالَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ الْفِهْرِيُّ إذَا ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ لَا يُجْزِيهِ، وَإِنْ أَطْعَمَهَا وَلِيمَةً أَجْزَأَهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْأَوَّلَيْنِ إرَاقَةُ الدَّمِ، وَإِرَاقَتُهُ لَا تُجْزِئُ عَنْ إرَاقَتَيْنِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْوَلِيمَةِ الْإِطْعَامُ، وَهُوَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْإِرَاقَةِ، فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ.”
لا يفوتك أيضًا: هل يجوز إخراج زكاة الفطر على الأقارب
2- الرأي الثاني
أقر هذا الرأي بجواز الجمع بينهما، فقالوا إن الأضحية تُجزئ عن العقيقة، وهو مذهب الحنفية، ورواية للإمام أحمد رحمه الله واعتمده الحسن البصري ومحمد بن سيرين وقتاده رحمهم الله جميعًا.
اعتمدوا في قولهم على أن المقصود من كل منهما التقرب إلى الله بالذبح، وهو حاصل بالجمع بينهما.
قال ابن أبي شيبة رحمه الله:
“عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: إذَا ضَحُّوا عَنْ الْغُلَامِ فَقَدْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ مِنْ الْعَقِيقَةِ. وعَنْ هِشَامٍ وَابْنِ سِيرِينَ قَالَا: يُجْزِئُ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ مِنْ الْعَقِيقَةِ، وعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَا تُجْزِئُ عَنْهُ حَتَّى يُعَقَّ.”
بينما قال البهوتي:
“وَإِنْ اتَّفَقَ وَقْتُ عَقِيقَةٍ وَأُضْحِيَّةٍ، بِأَنْ يَكُونَ السَّابِعُ أَوْ نَحْوُهُ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ، فَعَقَّ أَجْزَأَ عَنْ أُضْحِيَّةٍ، أَوْ ضَحَّى أَجْزَأَ عَنْ الْأُخْرَى، كَمَا لَوْ اتَّفَقَ يَوْمُ عِيدٍ وَجُمُعَةٍ فَاغْتَسَلَ لِأَحَدِهِمَا، وَكَذَا ذَبْحُ مُتَمَتِّعٍ أَوْ قَارِنٍ شَاةً يَوْمَ النَّحْرِ، فَتُجْزِئُ عَنْ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَعَنْ الْأُضْحِيَّةَ “
فمن كان له القدرة المالية على الذبح مرتين يأخذ بالقول الأول، ومن لم يكن له القدرة المالية ليأخذ بالقول الثاني الذي يجيز الجمع بينهما.
لا يفوتك أيضًا: هل يجوز الترحم على أهل الكتاب
أيهما أولى العقيقة أم الأضحية؟
اختلف الفقهاء في حد الاستطاعة للأضحية، وبيان ذلك كالتالي:
- عند الحنفية: أن الغنى المعتبر للأضحية أن يكون لدى الإنسان مئتا درهم أو عشرون دينارًا أو أي ممتلكات تبلغ قيمتها ذلك.
- بينما لم يحدد المالكية معيارًا للغنى، اكتفوا فقط بالقول ألا يحتاج الشخص إلى أموال الأضحية في أي شيء من متعلقات حياته.
- الشافعية: اشترطوا أن تكون الأضحية فاضلة عن حاجة المضحي أو حاجة من يعوله أو كسوة فصلية يوم العيد.
- أما الحنابلة: قالوا إنه مكروه عدم التضحية ما دام الشخص قادر عليها.
الخلاصة أن الأضحية سنة مؤكدة، ولكن بشرط أن يكون المضحي قادرًا عليها، فإن كان بمقدور الشخص الجمع بين الأضحية والعقيقة فهذا أفضل، لكن في حالة عدم القدرة على الجمع بينهما فليقدم أقدمهما زمنًا.
لا يفوتك أيضًا: هل يجوز النوم على جنابة وما الطريقة الصحيحة للإغتسال ؟
ما شروط الأضحية والعقيقة؟
يشترط للعقيقة ما يشترط في الأضحية من شروط، هي:
- أن تكون من بهيمة الأنعام التي أحلها الله لنا استنادًا إلى نص الآية:
” وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ) ” سورة الحج: 34
- أن تبلغ السن الذي شرعه الإسلام؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم” لا تذبَحوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعسُرَ عليكم فتذبَحوا جَذَعةً مِن الضَّأْنِ.“
- الثني من الإبل ما تم الخمس سنوات.
- الثني من الغنم ما أكمل سنة.
- الثني من البقر ما أتم سنتان.
- الجذع ما أتم نصف عام.
- أن تكون خالية من العيوب الواردة، وهي:
- الهزال المزيل للمخ.
- ناقصة أحد الأطراف من اليدين أو القدمين.
- المرض البين.
- المتولدة التي صعبت ولادتها، حتى يزول الخطر عنها.
- العور البين.
- العمياء التي لا تبصر بعينيها.
- العرج البين.
- العجز عن المشي.
- المصابة بشيء مميت مثل السقوط من مكان عالي أو كونها اختنقت حتى يزول الخطر عنها.
- أن تكون ملكًا للمُضحي أو له إذن فيها من قِبل الشرع، إذا لم تكن من قبل المالك فلا يصح التضحية بها، فتعامل معاملة المسروقة أو المغصوبة والمأخوذة بدعوى باطلة.
- ألا يكون لها حق لأي أحد إلا صاحبها، حتى لا يكون لها حق مرهون.
العقيقة والأضحية يثاب العبد على فعلهما، وإن اختلف في حكمهما بين الوجوب والسنة، لذا يحرص كثير من المسلمين على عدم فواتهما، إذ إن الواجب على العبد أن يتحرى عن أي أمر من أمور الشريعة.