لما كان العمل أساس من أساسيات الحياة وضرورة من أجل تلبية كافة الاحتياجات للإنسان ومن يعولهم، كان لابد من وضع بعض القيم والمبادئ التي تحكم سوق العمل، من أجل العيش في مجتمع سالم آمن، لا تعتريه الأخلاق المذمومة والسيئة في المجتمع، مما يؤدي إلى الرقي والتقدم.
مقدمة بحث عن سلوكيات وقيم العمل
من الفطرة التي جُلبنا عليها هو أن لكل شيء في الكون ضابط وأساس، فديننا يحكمنا بضوابط اشتمل عليها القرآن، وكذا الحياة تحكمنا بقوانين ودستور، فكان حريٌّ أن يكون لسوق العمل كذلك مبادئ وأُسس يجب عدم الحيد عنها.
تحميل بحث عن سلوكيات وقيم العمل PDF
تعريف سلوكيات العمل
هي عبارة عن المبادئ والقيم الأخلاقية التي توضع من قبل صاحب العمل، أو من فوقه، من أجل الحفاظ على بيئة عمل مؤثرة وقوية.
يعرفها العلماء بأنها: “عبارة عن مجموعةٍ من المعايير والقيم الأخلاقيّة التي تُساعد الأفراد على التمييز بين الأمور الصّحيحة، والخاطِئة في سلوكِهم داخل بيئة العمل”
لا يفوتك أيضًا: بحث عن الحاسب الآلي وأنواعه جاهز للتحميل PDF
سلوكيات وقيم العمل
1- الابتعاد عن الغيبة والنميمة
فعلاوة على كونها تخلق المشاحنات والعداوة بين زملاء العمل، فإنها من الأمور المحرمة التي نهت عنها الشريعة، وحث على اجتنابها النبي -صلى الله عليه وسلم- في كثير من الأحاديث.
كما أنها تتسبب في حدوث مشكلات تؤثر بالسلب على علاقة الزملاء في العمل، فضلًا عن كونه من السلوكيات التي ترفضها المجتمعات ولا تقبلها.
2- الاحترام والتقدير
لابد أن يقوم العمل على أساس الاحترام المتبادل بين الزملاء، وحتى الرؤساء مع مرؤوسيهم، فإنها إحدى أخلاق وسلوكيات العمل، فلابد من المساواة في معاملة الزملاء، فلا يميز أحدًا على الآخر.
علاوة على ذلك، فإن الاحترام المتبادل بين الزملاء يعمل على رفع كفاءة العمل، ويخلق روح التعاون كالفريق، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاج.
3- الاعتراف بالخطأ
فإنه لا بأس في الخطأ، وإنما الخطأ هو عدم تقبل هذا الخطأ، لذا لابد على الشخص أن يعترف بخطاه ولا يتردد في الاعتذار من الآخرين، بل يعمل على إصلاح أخطائه، ويحاول قدر الإمكان عدم الوقوع في نفس الخطأ مرة أخرى.
4- احترام الخصوصيات
فينبغي على الشخص أن يحترم خصوصية غيره من زملاء العمل، فلا يتطلع على أشيائهم، أو يحدق في شاشة الكمبيوتر الخاصة بهم، أو أي تصرف يؤدي إلى الاطلاع على خصوصياتهم، فإن ذلك ليس من شيم النبلاء، ولا من أخلاق العمل.
5- عدم التردد في تقديم المساعدة للغير
فكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “المُؤْمِنَ للمؤمنِ كالبُنْيانِ يشدُّ بَعضُهُ بعضًا.”
ففي حال انضم أحد الموظفين الجدد إلى العمل، أو رغب أحد في توضيح أمرر يخص العمل، ينبغي الإسراع في مساعدته، ولا يخفي عنه أمرًا يعلمه، فإن هذا الأمر يعمل على تقوية الروابط بين الموظفين، والاحترام المتبادل بينهما.
6- التحدث بثقة
لو أردت احترامًا وتقديرًا من زملائك في العمل لابد أن تتحدث بكامل الثقة، لاسيما عند الحديث عن أمرٍ جاد، لابد من التحدث بحزم وثقة، فبلا تتلعثم في الكلام، أو تتردد فإن ذلك يدل على عدم الثقة بالنفس.
7- العناية الكاملة بالنظافة الشخصية
فعلى الشخص العامل سواء كان رئيسًا أو مرؤوسًا أن يظهر بمظهر أنيقٌ حسن.. يهتم بمظهره الخارجي، فيكون حسن المظهر طيب الرائحة، لا يؤذي أصدقاؤه من حوله، مما يجعل التعامل معه مريحًا، لا ينزعج أحدًا منه.
كذلك ينبغي أن يرتدي ملابسًا أنيقة تتلاءم مع طبيعة العمل بجانب النظافة الشخصية.
8- استقلالية الفكر
لابد أن يكون لكل فكرك الخاص والمستقل فيما يخص بالعمل، فإذا راودتك فكرة جديدًا أو أمرًا يعمل على تطوير العمل، لا تتردد في طرحه، وعليك الإبداع والاختلاف.
لا يفوتك أيضًا: بحث عن الدوال وأنواع الدالة بالمراجع PDF
آداب العمل في الإسلام
إن الشريعة الإسلامية لم تترك أمرًا إلا وفصلته، وحثت المسلم على التحلي بالأخلاق الحميدة والصفات النبيلة في كل وقت وحين، ومن ذلك العمل، ذلك أن الله عز وجل قال:
” هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ” [ الملك: 15]
فالله عز وجل حثنا على السعي والعمل من أجل كسب المال الحلال.
كذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم على العمل فقال في الحديث المروي عن على ابن أبي طالب قال: “ عْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له.”
من أجل حصول الثواب على العمل، وجعله خالصًا لوجه الله، لابد من العمل بآدابه وسلوكياته، هي:
- استحضار النية: بأن ننوي أن هذا العمل خالصًا لوجه الله، من أجل الكسب الحلال، وتجنب الحرام، ومن أجل إعمار الأرض.
- التبكير: بأن يحرص المسلم على العمل الباكي، ذلك أن النبي قد حث على ذلك فقال في الحديث المروي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“اللهمَّ بارِكْ لأُمَّتِي في بُكورِها” الراوي : أبو هريرة | المحدث : السيوطي | المصدر : الجامع الصغير | الصفحة أو الرقم : 1452 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
- عدم التأخير عن وقت العمل: من الآداب التي حث عليها الإسلام ضمن سلوكيات العمل، حتى أن الحكمة تقول” لا تؤخر عمل اليوم إلى الغد”
- الجدية في العمل: فالمسلم لا يتباطأ أو يتكاسل عن العمل، بل يذهب إلى عمله بجد ونشاط، فإنه يلقى نظير تعبه ونشاطه.
- الإتقان في العمل: ويعد ذلك من أهم السلوكيات التي يتحلى بها المسلم، فقد حث النبي صلة الله عليه وسلم على ذلك في الحديث المروي عن أم المؤمنين عائشة رصي الله عنها أنه قال:
” إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ.” الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع الصفحة أو الرقم : 1880 | خلاصة حكم المحدث : حسن
- البعد عن الحرام، والاكتساب من الحلال: فالحرام بيّن والحرام بيّن، لذا لابد أن يبتعد المسلم عن الكسب الحرام، لأن العمل المشروع هو ما لم يتعارض مع الشريعة الإسلامية، فلا يبتاع الخمور أو غيرها من المحرمات.
- التحلي بالأمانة في العمل: تلك الصفة من أهم سلوكيات العمل التي لابد من التحلي بها، فالمسلم لا يخون أو يغش، أو يأخذ الرشوة في عمله، بل هو صادق أمين، يعمل كما يرضي الله عز وجل، يحفظ أسرار عمله، ولا يظلم العاملين لدية، ويعطي الأجير حقه قبل أن يجف عرقه.
- عدم الانشغال بالعمل عن الآخرة: فكما أن العمل مشروع، لابد أن يكون هذا العمل يتحصل منه على الثواب، بمعنى أنه يعمل من أجل اكتساب المال الطيب له ولأهله، من أجل تحقيق قول الله تعالى:
” فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ” [ سورة الملك: 15]
- التواضع: لابد أن يكون المسلم متواضعًا في أموره كلها في العمل وخارجه، لا ينظر بكبر أو استعلاء، ولنا في رسول الله أسوة حسنة إذا كان من خلقة التواضع عليه الصلاة والسلام، مع أنه رسول الله، وخاتم النبيين، وقد حث على ذلك فقال:
” لا يدخلُ الجنَّةَ من كانَ في قلبِه مثقالُ ذرَّةٍ مِن كِبرِ.” الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : ابن خزيمة | المصدر : التوحيد لابن خزيمة | الصفحة أو الرقم : 898/2 | خلاصة حكم المحدث : [أشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح] | التخريج : أخرجه مسلم (91) باختلاف يسير
لا يفوتك أيضًا: بحث عن الذكاء الاصطناعي مختصر بالمراجع PDF
خاتمة بحث عن سلوكيات وقيم العمل
لا يجب الاستخفاف بسلوكيات وقيم سوق العمل، ذلك أن العلم بقيم وسلوكيات الموظفين يعد أحد الأسباب التي تعمل على الارتقاء بالعمل، كما أنها تحقق الإنتاجية وتزيد من الكفاءة بدرجة كبيرة.
المسلم الحق هو من يتبع تعاليم دينه، ويُظهر أخلاقه وقيمه في كافة معاملاته، وفي كل مكان، فإن الإسلام كما رغّب في العمل، فإنه حث كذلك على أخلاقياته وآدابه التي يجب عدم الحيد عنها أو إغفالها.