السورة التي تضمن واحدة من القصص التي تأخذ بأزر المؤمن عند البلاء؛ لِما لاقى نبي الله يعقوب من أشق المِحَن والشدائد من أولاده بإلحاق الضرر بأخيهم يوسف.. وفي تأمر النسوة على سيدنا يوسف، احتوت السورة على مقاصد وقصص عِدة.
عناصر البحث
- مقدم.
- متى وأين نزلت سورة يوسف؟
- سبب نزول سورة يوسف.
- قصص سورة يوسف.. عِبر ومواعظ.
- نسبة سورة يوسف لِما قبلها.
مقدمة بحث عن سورة يوسف
مِحَن كثيرة أصابت سيدنا يوسف عليه السلام، إلا أن الله فرّج كربِه، وكان عونًا له فيما لاقى، واحدة من أجلّ السور احتوت على عِبر ومواعظ من حياته عليه السلام.
متى وأين نزلت سورة يوسف؟
نزلت سورة يوسف في مكة، لا سيّما قبل الهجرة، وقيل بدر الدين الزركشي إنها السورة الثالثة والخمسين التي نزلت.
سردت السورة قصة سيدنا يوسف كاملة بملامحها، دونًا عن غيرها من السور، ما تعرض إليه من بلاء حتى تتوالى الأحداث ليفرج الله كربي يوسف ويعقوب عليه السلام.
سبب نزول سورة يوسف
ثمَّة أقوال عِدة جاءت حول سبب نزول سورة يوسف، فكانت:
- أن الصحابة قالوا للرسول ملّ علينا وحدثنا، فأنزل تعالى:
“نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ” [سورة يوسف: 3]
- أراد جماعة من اليهود اختبار الرسول، فذهبوا إليه كفار قُريش طالبين أن يُحدثهم عن نبي خرج من بلاد الشام إلى أرض مصر، وما قصته.. حينها نزلت سورة يوسف في مكة لتسرد قصته كاملة.
- يرى البعض أنها نزلت من دون سبب مُعين، كما للسائلين الذي أجابهم الله تعالى في قوله:
“لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ (7)” [سورة يوسف: 7].
- قيل إن جماعة من اليهود ذهبوا لسؤال الرسول، فسألوه عن رجُل في الشام، فارقه ابنه ومن شدة البُكاء أُصيب بالعمى، وحينما سألوه من هو نزلت السورة، ورواية أُخرى قيلت إن السؤال كان عن الكواكب التي وردت فيها.
لا يفوتك أيضًا: بحث عن سورة الفاتحة وفضلها مختصر pdf
قصص سورة يوسف.. عِبر ومواعظ
بالانفراد عن غيرها من القصص، ذُكرت في سورة يوسف قصته بالتفصيل، فكان يوسف من أحب الأولاد إلى أبيه، والأقرب إلى قلبِه، وكان يشعرون أخوته بالغيرة الشديدة إثر ما يحظى به من حُب أبيه.
فظهر هذا في تدبيرهم للمكائد له، وإلحاق الأذى به بإبعاده عن أبيه، فبدأت قصته بمؤامرتهم، ثُم وصوله إلى بيت العزيز “وزير مصر الأول”، وتتوالى الأحداث من مِحَن وفرج الله.
1- إلقاء سيدنا يوسف في الجب
من أجل نيل حُب الأب وحدّه، تطور الكُره والحقد بأن يرغبوا بالتخلُص منه، فقد كان الحُب الكامل يُقدم ليوسف وأخيه.. فضلهُما سيدنا يعقوب عليه السلام عن باقي أخوتهم.
جلس الأخوة للتشاور فيما بينهُم، أخذوا يفكرون حول الطريقة الأفضل للتخلُص من يوسف -عليه السلام- للأبد دون لوم الأب بِما اقترفوه في أخيهم.
حتى قال أحدهم أفضل طريقة هو إلقائُه في الجبّ “البئر”، وهذا أفضل من قتلِه، وحينها طلبوا من أبيهم بالسماح لهم باصطحاب يوسف، برغم رفضُه خوفًا عليه من افتراس الذئب، إلا أنهم أقنعوا.
ألقوّا به في البئر، فعادوا إلى أبيهم ليلًا على وجههم الحُزن والحسرة على ما حدث، وأخرجوا له قميص يوسف مُلطخًا بالدماء، واحتجوا بأنه أكلُه الذئب، إلا أن قلب الأب يعلم أنهم يكذبون، وقال تعالى:
“وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18)” [سورة يوسف: 18].
2- التقاط القافلة ليوسف
جلس يوسف في البئر لم يكُن خائفًا، ولكن على يقين بأن الله لن يترُكه، فظل مُنتظرًا لفرج الله، حتى أثناء مرور المُسافرين ألقوّا الدلو للارتواء، وحينها خرج لهم يوسف.
أحد الرجال استبشر حتى قال:
“يَا بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ”، ولم يروا سوى أنه بضاعة امتلكوها، ويحق لهم التصرُف فيه، حتى جاء أخوته أيضًا وباعوه بدراهم بسيطة وكأنه سلعة![سورة يوسف: 19].
بعد شراء يوسف من أخوته، باع من اشتراه لرجُل من مصر، وهو الوزير الأول، وحينما عاد به إلى زوجته اندهشت به، فقال تعالى:
“وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)”[يوسف: 21].
3- إلحاق فتنة امرأة العزيز الضرر بيوسف!
عاش وكبر يوسف في منزل عزيز مصر الأول، والذي يُدعى “قوطيفار“، ومع الكِبَر كان صارخ الجمال، وحينها حاولت امرأة العزيز فتنته ليقع في الفاحش.. حتى راودته لها نفسها واستدرجته.
كان يوسف نبيٌ مؤمن، لا يسير في طريق الفاحشة، ولا يطعن فضل العزيز عليه؛ لِما فيه ذلك من خيانة وظُلم له وللعزيز، فقال تعالى:
“وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)” [ سورة يوسف: 23].
استعاذ يوسف من الشيطان، وهرول مُسرعًا نحو الباب، لكنها أسرعت ورائه، وأمسكت بقميصه من الخلف، حينها انشق في يديها وظهر أمامُهما العزيز! وابتلت امرأته على يوسف واشتكت عليه أنه حاول الاعتداء عليها وإغوائها.
4- تكرار إغراء امرأة العزيز ليوسف
برغم أن ردة فِعل عزيز مصر في المرة الأولى مُخيبة للآمال، إلا أنها عادت لتكرارها، فقد أغرت يوسف مرة أخرى وفي المرة الثانية هددته بالسجن.
حينها ظهرت جُرأتها في تحصيل مُبتغاها من زوجها، كما أعلنت ذلك أمام النسوة دون حياء أو خوف، فقال تعالى:
“قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ۖ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32)” [ يوسف: 32].
لكن هذه المرة أيضًا لم يترك يوسف نفسه له، بل قدّم رضا الله على هوى النفس، وقبل بالسجن على ألا يقع في فاحشة، وترك اللذة حتى يبقى لسنوات بين جدران مُغلقة مع المُجرمين، لكن كان أحب إليه من لذة الحرام، فقال تعالى:
“قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ (33)” [يوسف: 33]
5- إصدار قرار سجن يوسف!
برغم أن الجميع كانوا يعلمون براءة يوسف، وأنه لم يرتكب فاحشة يُترك على أثرها في السجن، إلا أنه قد وضِعَ في السجن وعزموا على أن يُترك لمُدة بنية رد التُهمة الشائعة في البلدة عن امرأة العزيز.
6- رؤيا صاحبي السجن
في السجن التقى يوسف ببشر كثيرين، وأصبح له رِفقة، واشتهر بينهم أنه كثير العِبادة، وشخصٌ صالح، وصادق.. فكانوا يلجأون له دائمًا، حتى رأى اثنين منهُم منام وقصّوا عليه.
علّم الله ليوسف تفسير الأحلام، وحينما كان يوضح المُغذى انتهز الفُرصة لدعوة أصدقائه للتوحيد بالله وترك عبادة الأصنام.
لا يفوتك أيضًا: بحث عن حرف الأنبياء ومهنهم كامل PDF
تفسير رؤية الملك.. براءة يوسف واستعادة الحرية
بعد أن لبثّ سنوات كثيرة في السجن، رأى عزيز مصر منام بأن سبع بقرات ضِعاف يأكلن سبع بقرات سمان، وسبع سنبلات خضراء وأخرى منهم يابسات، وبعد أن عجزوّا عن تفسيره لجأوا ليوسف.
تمكنّ يوسف من تفسير المنام، حتى قرر الملك أن يأتوا بيوسف وتظهر براءته للجميع، فإنه عفيف لم يقترف خطيئة، فنزل قوله تعالى:
“وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50)” [يوسف: 50].
1- التقاء يوسف بالأسرة
سفر أخوة يوسف لمصر للحصول على المؤونة بعد أن حلّ القحط، وحينها عرفهم يوسف واستدرجهم ليأتوا بأخيه بنيامين، وثبت له جريمة السرقة حتى جلس بنيمين مع أخيه، وعندما علِمَ الأب فقد بصره من البُكاء.
علِمَ أخوة يوسف، وصارحوا أبيهم، وطلبوا الاستغفار لهم، فقال:
“قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)” [يوسف: 92].
عاد أخيه بقميص يوسف وبوضعه على عينِه عاد له بصرِه، والتقى بابنه بعد سنوات من العِناء في مِصر، ورأى كم تعظّمت مكانته وارتقى من فضل الله عليه.
2- نسبة سورة يوسف لِما قبلها
إن سورة يوسف جاءت في الترتيب بعد سورة هود، استكمالًا لقصص الأنبياء، وما تحتويه من إثباتات لنزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم.
فتُبين السورة أن الرسالة واحدة، ومصدرها واحد، وكانت من أجل دعوة الناس للتوحيد بالله والإيمان به لا الإشراك به، فلا بُد من العمل الصالح.. وعلى عكس غيرها من القصص، قصة يوسف جاءت في سورة واحدة ليست مُتفرقة كما في غيرها من السور.
لا يفوتك أيضًا: بحث عن دور الإسلام في المحافظة على البيئة PDF
خاتمة بحث عن سورة يوسف
واحدة من السور التي تجلى فيها الفِتن، وفرج الله وقدرته على تغيير أحوال عِباده من الضيق إلى الفرج، فامتلأت قصة يوسف بالعِبر.
تحميل بحث عن سورة يوسف PDF من هنا.
ثق بتدابير الله، واصبر على المُصيبة، ولا تترك لليأس بابًا ليتسلل لقلبِك، كما عانى سيدنا يوسف من فراق أبنائه المُقربين، لكن بدُعائه لله والاستسلام لقضائه جازاه خيرًا بمُلاقاته.