إن ترك الإنسان لحياة العزوبية، والسير قُدمًا إلى أعتاب حياة جديدة ليس بالأمر السهل على الأغلبية، لكن السعادة والهناء الذي يُحصّله في النهاية يستحق منه كل هذا الجُهد.
نص خطبة محفلية عن الزواج وتشريعة
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، سلامٌ على المهتدي، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد.
حين شرّع الله الزواج للزواج كان هذا كي يهب الإنسان مُتنفسًا له وراحة وأمنًا في هذه الدُنيا القاسية، فهي بالأساس دار شقاء لا يُراد بها راحة من الأساس.
قال تعالى:
“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” [الروم: 21].
كانت البداية حين استوحش آدم عليه السلام في الجنة، فخلق الله له من ضِلعة حواء، لتكون له رفيقة أنيسة، وقد نزلت معه إلى الأرض بعد عقاب الله -سبحانه وتعالى له- فعمّرت معه الأرض وأنجبت البنين والبنات.
قال جلّ في عُلاه:
“يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا”. [النساء: 1]
ما نراه الآن ليس إلا انتهاكًا للنعمة التي وهبنا الله إيّاها، بل بات الأزواج في تشاحن وتناحر، لا ينتهي عادةً سوى بالأذى لكلا الطرفين، وهذه التعاسة بالفعل لا يملك لها أحدًا منعًا.
ليس على المؤمنين أن يكونوا سببًا للأذى لبعضهم البعض، بل هذه الزيجة لا تكون إلا نعمة من الله سبحانه وتعالى:
“وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ” [ النحل: 72].
لذا على كل زوجين أن يُدركا جيدًا معنى أن هذا الزوج هو ما يحجب عنه مرارة العيش، لذا فبه تمسكًا.. هذه هي القضية الأهم.
تحميل خطبة محفلية عن الزواج قصيرة PDF
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن اليوم العالمي للمرأة بالعناصر
خطبة محفلية عن أهمية الزواج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طِبتم وطاب مسعاكم لهذا اليوم الكريم.
بهذا اليوم نود أن نظرًا للمسؤوليات الكبيرة التي تقع على أعتاق الشباب، بات أول ما يتبادر إلى ذهنهم لمَ الزواج إذا؟ وما المشكلة إذا بقينا هكذا دونه؟
حتى أن النماذج المحيطة كلها ليست صالحة أبدًا لتكون مُشجعة على هذه الخطوة الكبيرة، لكن من بين هذه الأفكار المُحبطة يأتي صوت النبي صلى الله عليه وسلم ليقول لنا:
“جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقالَ: إنِّي أصَبتُ امرأةً ذاتَ حسبٍ وجمالٍ، وإنَّها لا تلِدُ، أفأتزوَّجُها، قالَ: لا ثمَّ أتاهُ الثَّانيةَ فنَهاهُ، ثمَّ أتاهُ الثَّالثةَ، فقالَ: تزوَّجوا الوَدودَ الولودَ فإنِّي مُكاثرٌ بِكُمُ الأُممَ”. الراوي: معقل بن يسار | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح أبي داود الصفحة أو الرقم: 2050 | خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح التخريج: أخرجه أبو داود (2050) واللفظ له، والنسائي (3227)
كما أن حُجة المسؤوليات قد تُعد واهية بعض الشيء، هذا لأن الله تعالى دائمًا ما يكون عونًا لكل شاب بسيط الحال يُريد الزواج.
فقد قال صلى الله عليه وسلم:
“ثلاثةٌ حقٌّ على اللَّهِ عونُهُم: المُجاهدُ في سبيلِ اللَّهِ، والمُكاتِبُ الَّذي يريدُ الأداءَ، والنَّاكحُ الَّذي يريدُ العفافَ”. الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي | الصفحة أو الرقم : 1655 | خلاصة حكم المحدث : حسن | التخريج : أخرجه الترمذي (1655) واللفظ له، والنسائي (3218)، وابن ماجه (2518)، وأحمد (7410) باختلاف يسير.
هذا العقد بين اثنين يُقوي الروابط الاجتماعية، ويجعل من عائلتين أسرة واحدة، بل منذ القِدم به أُنهيت حروبًا، وعاشت أمم وانتهى الضلال.
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن طاعة الوالدين واجب ديني واجتماعي
خطبة محفلية عن الزواج قصيرة
حين يسُود الإخاء بين الأمم، يُصبح من السهل جدًا التعامل مع مسألة الزواج بيُسر أكثر، لذا فإن التيسير على الشباب هو سنته صلى الله عليه وسلم.
فقد ورد عن عليّ: “قال: تزوَّجْتُ فاطمةَ رَضِيَ اللهُ عنه، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ابنِ بي، قال: أَعْطِها شيئًا، قلتُ: ما عندي مِن شيءٍ، قال: فأينَ دِرْعُكَ الحُطَمِيَّةُ؟ قلتُ: هي عِندي، قال: فأَعْطِها إيَّاهُ”. الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي | الصفحة أو الرقم : 3375 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح
فهذا هو نبي الهُدى.. حين يهب فتاته فاطمة لعليّ لا يهُمه في هذا كم سيدفع لها مهرًا، ولا أين ستعيش معه، بل اختار لها رجلًا مؤمنًا خلوقًا، رجولته هذه هي الأمر الوحيد الذي تباهى به.
لكن هذا لا يعني أن يبخس الرجال النساء حقّهن في المهر، فلا إفراط ولا تفريط، والفصل في هذا يُرجع إلى الحالة الماديّة للرجل، فإذا كان غنيًا وقتها يجب أن يدفع لها على قدر هذه الاستطاعة، وإلا فليدفع وفقًا لمقدرته.
قال تعالى: “وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۖ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا” [ النساء: 24].
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن قصة شاب فقير أصبح غني
خطبة محفلية عن روعة الزواج
إن هذه العلاقة الطيبة حين أهداها الله للمؤمنين.. كانت بهدف أن يجد الإنسان أنيسًا لقلبه، أن يجد من يبوح له بكل ما يعتري قلبه، مهما كان أمرًا صغيرًا، أو ضخمًا بحجم السماء.. فيجد في كلا الحالتين احتواءً وأمنًا يسع العالم.
بهذه العلاقة تجد حلًا للغصّة التي في قلبك تجاه العالم، ترضى عليه.. أو ربما يكون هو من رضى عنك إذا ما وهبك هذا الرفيق الذي ما كُنت لتحيا سعيدًا في الدنيا لولاه.
ترى جمال هذه العلاقة حين تطلع على حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وتُشاهد عن كثب كيف كانت علاقته مع زوجاته رضوان الله عليهم.
أمّا بالحديث عن الأمان الحقيقي، فهو حين خاف النبي -صلى الله عليه وسلم- من جبريل -عليه السلام- وقت نزول الوحي، حينها لم يجد أمام عينيه سوى بيت خديجة الذي هرع إليه طالبًا الأمان، وبقيّ يطلب منها أن تدثّره.
حُب النبي لزوجاته لم يكُن أمرًا مخفيًا عن أحد، بل كان يقولها أمام العالم أجمع أنه يهوى عائشة!
فقد روى عمرو بن العاص “أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعَثَهُ علَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فأتَيْتُهُ فَقُلتُ: أيُّ النَّاسِ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، فَقُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: أبُوهَا، قُلتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، فَعَدَّ رِجَالًا”. الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه | الصفحة أو الرقم : 83 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه ابن ماجه (101)
كان يُعاملها مثل طفلته المُدللة، ليس لديه عيب لأنها كبرت، ولا حرام أن تلهو، فقد حكت رضي الله عنها:
“وَاللَّهِ لقَدْ رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَقُومُ علَى بَابِ حُجْرَتِي، وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بحِرَابِهِمْ، في مَسْجِدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، يَسْتُرُنِي برِدَائِهِ، لِكَيْ أَنْظُرَ إلى لَعِبِهِمْ، ثُمَّ يَقُومُ مِن أَجْلِي، حتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتي أَنْصَرِفُ، فَاقْدِرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ، حَرِيصَةً علَى اللَّهْوِ”. الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 892 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
خطبة محفليّة عن الزواج هبة من الله عز وجل، وسعادة للبشر يتمكنون بها من الوقوف بوجه ظلم العالم وتعاسته كلّها.