كانت معجزة الأنبياء في بعض الأحيان أن الله عز وجل يختارهم على الرغم من وجود بعض العيوب أو النقائص الخُلقية بهم، ولكن على الرغم من ذلك يصطفيهم من أشرف الخلق ويدعمهم بمعجزاته التي تثبت نبوتهم، فمن هو النبي الذي كان أعمى؟ وما هي قصته.
أشرف العميان
اختار الله عز وجل أحد أنبيائه وخصه من أجل الدعوة إلى توحيد الله عز وجل والتحلي بمكارم الأخلاق، والابتعاد عن الغش والخداع الذي اشتهر به قومه، وإن الإجابة على سؤال من هو النبي الذي كان أعمى؟ هي نبي الله شعيب عليه السلام.
بل إن الله عز وجل وقومه أطلقوا عليه لقب أشرف العميان، وهو واحد من الأنبياء العرب الذي عُرف عنه فصاحة اللسان والحكمة، وأطلق عليه لقب خطيب الأنبياء.
يعود نسب نبي الله شعيب عليه السلام إلى أبو الأنبياء خليل الله إبراهيم عليه السلام، ويقال إن أمه أو جدته كانت ابنة نبي الله لوط عليه السلام.
أرسل نبي الله شعيب إلى قوم مدين الذين سكنوا المنطقة الممتدة من بني شمال الحجاز، وجنوب الشام، وذلك حتى ينهيهم عما كانوا فيه من جحد النعم التي رزقهم بها الله عز وجل، وكفرهم به، وإنكارهم ربوبيته.
عاش نبي الله شعيب عليه السلام ما يقارب 242 عامًا وفقًا لما أشارت إليه الدراسات التاريخية.
تعرف على: من هو النبي المدفون في الجزائر
قصة نبي الله شعيب (النبي الذي كان أعمى)
إن قصة الإجابة على سؤال من هو النبي الذي كان أعمى؟ تتمثل في أنه تم إطلاق لقب النبي الأعمى على شعيب عليه السلام لأن نظره كان ضعيفًا وفي بعض الروايات تشير أن نظره كان زائل بشكل كامل، وأطلق عليه أيضًا لقب أشرف العميان.
أرسله الله عز وجل إلى قوم مدين الذي عملوا في الزراعة والتجارة، إلى جانب أنهم كانوا يستفيدون من مرور أشهر الطرق التجارية حينها بمنطقتهم، ولكن على الرغم من ذلك كان قوم شعيب يغشون الناس في الموازين.
إذا اكتال قوم شعيب يستوفون وإذا كالوهم ينقصون ويخسرون، حذرهم شعيب من هذه الأفعال، ولكنهم فقط لم يكتفوا بعدم الإنصات إلى شعيب بل اندفعوا من أجل طرد نبي الله شعيب وكل من آمن به من البلدة.
بدأ قوم شعيب يعبدون الأيكة، وهي شجرة عظيمة وملتفة، وأنكروا ربوبية الله عز وجل، فذكرهم النبي بعقاب الله، ولكنهم ظلوا مستمرين في الغيّ والضلال.
عقاب الله لقوم شعيب
بعد أن أكتفى قوم شعيب من الأقاويل التي يخبرهم بها، ودعواه إلى عبادة الله عز وجل هددوه بالقتل، ومن ثم هددوه بالطرد من القرية أو أن يعود إلى ملتهم.
لكن أكد لهم نبي الله شعيب أن الله عز وجي كشف له الخير وطريق الجنة فكيف يمكنه أن يعود إلى طريق الهلاك.
مع إصرار شعيب على موقفه بدأ قوم مدين بالمكابرة، وطلبوا من شعيب أن يدعوا لهم إلهه حتى يسقط عليهم كسفًا من السماء، وأوحى الله عز وجل إلى أشرف العميان نبيه يعقوب أن يخرج هو ومن معه من المؤمنين برسالته من القرية.
فور خروجهم جاءت غمامة كبيرة فوق القرية، ظن الكفار أنها محملة بالأمطار وراحوا يهللون فرحًا، ولكن تفاجأوا من غضب الله، وأدركتهم صيحة جعلتهم يموتون ووجهم مصروع من الفزعة.
جاء هذا في القرآن الكريم في قوله تعالى {وَيا قَومِ اعمَلوا عَلى مَكانَتِكُم إِنّي عامِلٌ سَوفَ تَعلَمونَ مَن يَأتيهِ عَذابٌ يُخزيهِ وَمَن هُوَ كاذِبٌ وَارتَقِبوا إِنّي مَعَكُم رَقيبٌ* وَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا شُعَيبًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَأَخَذَتِ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ} (سورة هود – الآية 93).
تعرف على: آيات قرآنية عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم
قوم مدين قبل نبوءة النبي الأعمى
تقع قرية مدين الذي بعث إليها النبي الأعمى شعيب عليه السلام على بحر قلزم، وهو البحر الأحمر بمحاذاة مدينة تبوك، وقد من الله عز وجل عليهم بالعديد من النعم في مختلف مناحي الحياة.
حيث إن الله عز وجل جعلهم عددًا كثيرًا، وجعلهم أقويا بعدما كانوا ضعفاء ولا حيلة لهم، وكانوا أغنياء يمتلكون البساتين والمحاصيل ولهم كل الحق في التصرف بها بعدما كانوا فقراء.
على الرغم من كل ما منحه الله عز وجل إلى قوم شعيب إلا أنهم لم يؤمنوا بدعوة رسول الله شعيب، بل وكفروا بالله وعبدوا شجرة، وهذا سبب إطلاق اسم أصحاب الأيكة عليهم، وشاع بينهم الفساد في المعاملات والأخلاق.
حيث كانوا يشتهرون بالتطفيف في الكيل والميزان، كما أنهم كانوا يبخسون في حقوق الناس المادية والمعنوية بما فيها من غش وإنقاص، كما أنهم كانوا يقطعون السبل على المارة ويخيفونهم.
تعرف على: هل يجوز التوسل بالنبي ؟ وما هو حكم التوسل
قوم مدين وأشرف العميان
بعد معرفة أن الإجابة على سؤال من هو النبي الذي كان أعمى؟ هي نبي الله شعيب عليه السلام، وأن الله عز وجل بعثه إلى قوم مدين من أجل دعوتهم إلى الهداية واتباع تعاليم الله عز وجل وتوحيده، خاصةً بعدما فسدوا في الأرض.
لم تكن قضية رسول الله شعيب عليه السلام دعوة قومه إلى التوحيد فقط وإنما من أجل العمل على تغيير وتعديل أسلوب حياتهم، وبدأ رسول الله بدعوتهم ناصحًا لهم أن يتبعوا سبل الخير ويراعوا الله عز وجل محذرهم من عقوبة أفعالهم.
حيث إنه دعاهم إلى إقامة العدل في القسط والميزان، كما دعاهم من أجل المحافظة على حقوق الناس وعدم التبخيس فيها، واجتناب الفساد في الأرض، بالإضافة إلى العمل على بث المحبة والألفة بينهم في الأرض.
بالإضافة إلى ترك كسر الدراهم وقرضها، حيث إنهم كانوا يقومون بفعل هذا من أجل بخس الأموال، وعدم منع المؤمنين الذين اتبعوه من ممارسة أنشطتهم الحياتية، وتذكير قوم مدين بنعم الله عز وجل عليهم.
جاء هذا شاهدًا في القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالى
{وَإِلى مَديَنَ أَخاهُم شُعَيبًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ وَلا تَنقُصُوا المِكيالَ وَالميزانَ إِنّي أَراكُم بِخَيرٍ وَإِنّي أَخافُ عَلَيكُم عَذابَ يَومٍ مُحيطٍ* وَيا قَومِ أَوفُوا المِكيالَ وَالميزانَ بِالقِسطِ وَلا تَبخَسُوا النّاسَ أَشياءَهُم وَلا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدينَ} (سورة هود – الآية 84).
لكنهم رفضوا وأنكروا ربوبية الله مما جعل الهلاك يلحق بهم وهم في ديارهم جاثمين.
بعد الإجابة على سؤال من هو النبي الذي كان أعمى علينا أن نجزم أن الله عز وجل كان يصطفي من قومه أصحاب الخلق الحسن والأشراف الذين يستطيعون أن يحملوا على عاتقهم مهمة حماية الدين ونشره.