يحزن أهل الميت حينما يفقدون عزيزًا عليهم، ويشعرون أنهم فقدوا القدرة على التفكير بالطريقة الصحيحة أو بالمنطق؛ لذلك يقوم الكثير من الناس ببعض الأمور التي قد تخالف الأحكام الشرعية.
هل يجوز العزاء قبل الدفن ؟
اجتمع جمهور العلماء والفقهاء على أنه يجوز عزاء الميت قبل العزاء، ولكن وفقًا لبعض الأحكام التي يجب اتباعها، حتى لا يأثم أهل الميت.
وقد أجمعوا أن العزاء يبدأ من بداية الموت ولا يوجد حد للعزاء بحسب قول ابن باز في تصريف أحكام العزاء والتعزية لأهل الميت.
ويرجع الحكم إلى أن أهل الميت يشعرون بالوحشة الشديدة بسبب الفقد، فينتهي العزاء بزوال أثر الحزن على أهل الميت.
لا يفوتك أيضًا: هل يجوز قتل الذباب وهل مضرب الذباب حرام؟
متى يكون وقت العزاء؟
فضل جمهور العلماء أن تكون التعزية بعد الدفن لانشغال أهل الميت بتحضير ما يخص العزاء، وأن الوحشة تصير أكبر عندما ينتهون من الدفن ويصير الجمع إلى سبيله.
أحكام التعزية
1- السفر للعزاء
يجوز السفر بغرض تعزية أحد المعارف، والصلاة عليه ولا حرج في ذلك كما أجاز ابن باز.
2- قراءة سورة الفاتحة في العزاء
رد ابن باز على سؤال سائل في إجازة قراءة سورة الفاتحة للميت أن الأصل الدعاء للميت وأهله أن يخفف عنهم ما أصابهم، وأن يرحم الميت ويقيه عذاب القبر، ولكن لم يرد أصل لذلك في السنة النبوية أو الأحكام الشرعية، وإنما يأتي المعزي للتعزية والانصراف.
3- الاجتماع وقراءة القرآن وتناول الطعام
فليس من السنة أن يجتمع الناس على طعام أو قراءة القرآن للميت، قال جرير بن عبد الله البجلي:
(كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن كنا نعده من النياحة) الراوي: [قيس بن أبي حازم] | المحدث: ابن باز | المصدر: مجموع فتاوى ابن باز | الصفحة أو الرقم: 347/4 | خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن
بل الأصل أن يقوم الجيران بتجهيز المأكل والمشرب لأهل الميت؛ لانصرافهم عنه كما قال الرسول صل الله عليه وسلم في موت عمه جعفر بن أبي طالب:
(اصنعُوا لآلِ جَعفَرٍ طعامًا؛ فقد أتاهم ما يَشْغَلُهم، أو أمْرٌ يَشْغَلُهم) اخرجه أبو داود (3132)، والترمذي (998)، وابن ماجه (1610)، وأحمد (1751). قال الترمذي: حسن صحيح، وحسَّن إسناده ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/242)، وصحَّحه ابن الملَقِّن في ((البدر المنير)) (5/355)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (3/194)، وحسَّن إسناده ابن باز في ((مجموع فتاواه)) (13/396)، وحسَّن الحديث الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3132).
حيث يُمكن إكرام المعزي بجلب شيء من الطعام أو إذا كان هناك أطعمة جاءت إلى أهل الميت ودعوا الزائرين أن يأكلوا منها فلا بأس من ذلك.
لا يفوتك أيضًا: هل المسيحي الشهيد يدخل الجنة ؟ وهل يجوز الترحُم عليه
4- تأخير التعزية
يجوز تأخير العزاء بما يتناسب مع الظروف التي تخص الميت، ولا يرتبط العزاء بمكان محدد.
يمكن تعزية أهل الميت في المنزل، أمام المقابر، في المسجد، أو أي الطرق المتاحة للمعزي أن يقوم بها.
لا وقت معين ليقوم المعزي بتعزية أهل الميت فيه، يمكن أن يعزي في أي وقت من أيام التعزية.
يفضل أن يقوم المعزي بالمبادرة بالتعزية في الأيام الأولى؛ لأن وقع المصيبة على أهل الميت تكون في أوجها.
5- عمل وليمة بعد الأسبوع الأول للميت
هذه من البدع التي لا تصح بإجماع الفقهاء والعلماء، حيث إنه يعتبر كأنه مأتم وهو من النياحة التي لا تجوز ولا تصح.
6- جلوس أهل الميت في بيوتهم ليعزيهم الناس
يمكن أن يجلس أهل الميت في البيت ليقوم الناس بتعزيتهم، ولكن لا يصح أن يقوم الناس بالتجمع للنياحة والبكاء، ولا يجوز أن يقوم أهل الميت بصنع الطعام للمعزين.
إذا قام الناس بتعزية أهل الميت في المسجد أو عند المقابر فإن هذا يكفي.
7- الالتفاف عند القبر للتعزية
يمكن التعزية في أي مكان يسهل على الناس سواء كانوا يقفوا عند المقابر أو في المسجد أو الطريق قبل الدفن، ولكن الاصطفاف صفًا حتى يأتي الناس للتعزية فلا أصل له.
8- قراءة القرآن في العزاء
ليس لهذا أصل ولكن عن قام أحد بقراءة القرآن أو تم تشغيل شيء من القرآن لا بأس على أن يكون هذا أو المتعارف عليه والنظام الواقع.
9– لبس أهل الميت الأسود
الحداد على الميت بلبس الأسود يكون لثلاثة أيام، بلبس الملابس الخشنة أو غير الجميلة.
المرأة تحد على زوجها 4 أشهرِ وعشرًا كما ورد في القرآن، من الملابس غير الجميلة، وليس شرطًا أن تكون الملابس سوداء بالكلية، ولكن يشترط ألا يكون فيها تزين أو لبس الحليَ ووضع الطيب وخلافه.
قال الله تعالى:
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) (البقرة: 234 )
لا يفوتك أيضًا: هل يجوز الترحم على أهل الكتاب وما هو حكم الترحم على غير المسلمين ؟
هل يجوز للزوجة الخروج لاستقبال المعزين؟
يجب على الزوجة أن تمكث في بيت الزوجية عدتها حتى اكتمالها:
[حديثُ الفُريعةَ بنتِ مالكٍ] فجاء نعيُ زوجي وأنا في دارٍ من دورِ الأنصارِ شاسعةٍ عن دارِ أهلي. وفيه: امكُثي في بيتِك الذي جاء فيه نعيُ زوجُك حتى يبلغَ الكتابُ أجلَه. الراوي: الفريعة بنت مالك بن سنان | المحدث: ابن دقيق العيد | المصدر: الإلمام بأحاديث الأحكام، الصفحة أو الرقم: 2/701 | خلاصة حكم المحدث: [اشترط في المقدمة أنه] صحيح
لا يجوز للمعتدة في زوجها أن تخرج لاستقبال المعزين في غير بيتها، حيث إنه باجتماع الأئمة الأربعة لم يجاز لها الخروج إلى الحج في عدتها؛ لذلك إن كان مجازًا لها الخروج فالأولى أن تخرج إلى الحج.
يقول ابن تيمية رحمه الله: يمكن لها أن تخرج إلى حاجتها في النهار مثل السوق أو إذا كانت تعمل لتعيل بيتها وأطفالها، لكن لا يمكن لها الخروج بالليل إلا للضرورة القصوى التي تضطرها إلى ذلك.
الجدير بالذكر أنه يجوز أن تقوم بما يتاح لها في غير العدة كأن تتحدث مع الرجال في حاجتها.. الأصل في قيام الناس بتعزيتها في بيتها لا أن تقوم هي بالتنقل لاستقبال التعازي.
ليس للمرأة أن تسافر في وقت العدة وعند سؤال الشيخ ابن تيمية عن امرأة خرجت للحج وقد مات زوجها في شعبان: ليس لا أن تسافر في العدة عن الوفاة إلى الحج في مذهب الأئمة الأربعة.
بعد معرفة هل يجوز العزاء قبل الدفن ؟ يجب تتبع الأحكام الشريعة التي وردت في القرآن الكريم وفسرها رسولنا في السنة، حتى لا نقع في المعصية، واتباع الدين يزيد تقربنا إلى الله ومعرفة التصرف الصحيح عند الوقوع في المصائب.