لطالما أخذت الكثير من الأحكام من السنة النبوية، ذلك أنها الدليل الشرعي الثاني بعد كلام الله، والذي استنبط منها العلماء الكثير من الأحكام، فصلّت المُجمل، وخصّصت العام، وأوضحت المًبهم، جاءت شارحة ومبينة لما في القرآن، ونصحت بما فيه صلاح الأمة في الدنيا والآخرة.
مقدمة بحث عن السنة النبوية
إن السنة النبوية هي منهج وتشريع صدر على لسان النبي صلى الله عليه وسلم بما أوحى له الله به، يجب الإيمان بها والعمل بما فيها، واحترامها والدفاع عنها.
قال الله عز وجل في سورة النجم:
“وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ *” (الآية 1 إلى 5)
لا يفوتك أيضًا: حزازير دينية إسلامية مع الحل في القرآن الكريم والسنة النبوية
ما هي السنة النبوية؟
قيل إن السنة في اللغة: هي المنهج أو الطريق
بينما يُعرفها العلماء بأنها: ” هي ما يُثاب المرء على فعله ولا يُعاقَب على تركه كصلاة الضُّحى مثلاً.”
كذلك هي التصديق بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم قولًا وفعلًا وعملًا.
أجمع المسلمين على كونها المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، وأنها جاءت بيانًا لأحكام القرآن.
حكم اتباع سنة النبي ودليلها
إن اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم واجب على كل مسلم، ولِعظمِها جعلها الله عز وجل في منزلة طاعته، وأن معصية النبي وعد اتباع سنّنته مُحرمة، وتعد كذلك معصيةً لله عز وجل.
أجمع العلماء من المتقدمين والمتأخرين على كونها حجة في الدين والدليل على ذلك:
- ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
“ مَن أطاعني فقد أطاع اللهَ ومَن عصاني فقد عصى اللهَ ومَن أطاع الأميرَ فقد أطاعني ومَن عصى الأميرَ فقد عصاني” الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 4556 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه
- قول الله عز وجل:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا” [ النساء: 59]
- قوله في سورة النساء:
“وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا” [ النساء: 69]
- قال تعالى:
“وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا” [ النساء: 125]
قوله (أسلم وجهه) أي استسلم وأخلص العبادة لله عز وجل، وقوله (وهو محسن) أي عمل بما شرعه الله عز وجل على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
كما حذر الله عز وجل من مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وتوعد لمن يفعل ذلك بالعذاب، فقال تعالى في سورة النور:
“فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” (آية:63)
لا يفوتك أيضًا: إنشاء آداب زيارة الأقارب والأصدقاء والمريض
ثمرات اتباع السُّنة
1- الحصول على محبة الله عز وجل
لأن الله عز وجل أخبر أنه إذا تقرب إليه العبد بالنوافل، وهي السنن كان ذلك سببًا في محبة الله عز وجل له.
قال ابن القيم:
“ولا يحبك الله إلا إذا اتبعت حبيبه ظاهرًا وباطنًا، وصدَّقته خبرًا، وأطعته أمرًا، وأجبته دعوةً، وآثرته طوعًا، وفنيت عن حكم غيره بحكمه، وعن محبة غيره من الخلق بمحبته، وعن طاعة غيره بطاعته، وإن لم يكن ذلك فلا تتعنَّ، وارجع من حيث شئت، فالتمس نورًا فلست على شيء”
2- جبر نقص الفريضة
ذلك أنه مهما أخلص العبد في الطاعة لا يحصل له الكمال التام للعمل، لذا فإن هذا النقص يُجبر عن طريق السنن والنوافل، ويستدل على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم:
“إنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ به العبدُ يومَ القيامةِ من عملِهِ صلاتُه فإن صلُحتْ فقد أفلح وأنجح وإنْ فسدتْ فقد خاب وخسِرَ فإنِ انتقصَ من فريضتهِ شيءٌ قال الربُّ تبارك وتعالى انظروا هل لعبدي من تطوُّعٍ فيُكمَّلُ بها ما انتُقِصَ من الفريضةِ ثمَّ يكون سائرُ عملِه على ذلك.” الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : هداية الرواة | الصفحة أو الرقم : 2/83 | خلاصة حكم المحدث : [حسن كما قال في المقدمة]
3- إجابة الدعاء
ذلك أنه من أطاع النبي صلى الله عليه وسلم وعمل بسنة وتقرب إلى الله بالنوافل، فإذا تقرب إليه بالنوافل أحبه الله، وإذا أحبه استجاب دعائه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل
“ما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشيءٍ أفضل من أداء ما افترضتُ عليْهِ، وما يزالُ يتقرَّبُ عبدي إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أحبَّهُ، فإذا أحببتُهُ كنتُ سمعَهُ الَّذي يسمعُ بِهِ وبصرَهُ الَّذي يبصرُ بِهِ، ويدَهُ الَّتي يبطشُ بِها ولئن سألني لأعطينَّهُ ولئنِ دعاني لأجيبنه ولئن استعاذَني لأعيذنَّهُ.” الراوي : أبو هريرة | المحدث : البزار | المصدر : البحر الزخار | الصفحة أو الرقم : 15/270 | خلاصة حكم المحدث : لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد
4- كان في معية الله عز وجل
فمن كان في معية الله تعالى، فإنه يُوفّقه لكل خير، ويجعل جوارحه كلها في طاعته، لا ينصرف قلبه إلى غيره، ولا يصدر منه إلا ما يرضي الله عز وجل، فمن نال محبة الله؛ نال معيّته.
5- العصمة والبعد عن الوقوع في البدع
ذلك أن العبد إذا كان متبعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، كان حريصًا على عدم الأخذ من غير ما جاء بها، ولا يتعبد بشيء إلا إذا وجد دليل من السنة عليه، بالتالي كان بعيدًا عن البدع وينجو منها.
6- يحيا بها القلب
ذلك أن من حافظ على اتباع السنة، كان حريُّ به أن يحافظ على ما هو أهم منها، فواظب على فعل الفرائض والواجبات، وكان حريصًا على عدم التفريط فيها، وحصل بذلك على الفضيلة والثواب لتعظيمه شعائر الله عز وجل، هذا فضلًا عن ثواب الطاعة.
من ثم فإن قلب العبد حينها يحيا بطاعة الله عز وجل، والحرص على النوافل وعدم التقصير فيها، ومن قصر في السنن وتهاون في أدائها؛ عُوقب بالحرمان من الفرائض.
لا يفوتك أيضًا: بحث عن حقوق الجار جاهز للطباعة PDF
خاتمة بحث عن السنة النبوية
إن السنة النبوية مليئة بما فيه صلاح العبد في الدنيا والآخرة، ذلك أنها تفصيلٌ وبيانٌ لما في كتاب الله، حرِص النبي -صلى الله عليه وسلم -أن يُفصّل ويوضح لأمته ما أُبهِم عليها، لذا كان حريُّ بنا أن نتبع سنته ولا نتهاون فيها بالتقصير.
تحميل بحث عن السنة النبوية PDF
على كل مسلم أن يحرص على اتباع السنة والحفاظ عليها، ويكفي في ذلك قول ابن تيمية- رحمه الله-: “فكل من اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فالله كافيه، وهاديه، وناصره، ورازقه.”