يُقال إن التقوى هي سبب الخير الذي يحلّ على حياة المرء، فهي الأساس التي يقوم عليه دينه، فكلما ظفر المسلم بها اكتشف جواهر من خير ورزق وفوز بالدنيا والآخرة، فنرى أنه كلما تأملنا بالقرآن نجد ثمار كثيرة للتقوى، ونجد أن لها منازل ودرجات مُتسلسلة كلٌ وفق طاعته.
خطبة عن التقوى كاملة
الحمد لله الذي أتم علينا نعمته وأكمل لنا الدين، وجعل الخير في أمتنا، وأرسل فينا رسولًا يعلمنا الكتاب والحكمة، شهدنا بأنه الله وحده لا شريك له وأن مُحمدًا عبده ورسوله، قد جمعنا لكم أحبابنا في الله أشتات العلم والحكمة في كلمة وهي التقوى.
فهي من المصطلحات العربية التي تم أخذها من مادة “وقى” أي الوقاية ويُقصد بها هُنا قيام الإنسان بحماية نفسه، أي دفع السوء، وبالتالي فإن وقاه الله سوء هذا الشيء أي حفظه من شره، وقد وردت بالشرع بعدة معاني:
- أي بمثابة الحاجز التي يحدده العبد بينه وبين النواهي التي حرم الله القيام بها.
- تدل على امتثال الإنسان لأوامر الله عز وجل وقناعته بكل ما هو قليل ومحاولة جعل الدنيا دار الاستعداد للآخرة.
- هي الخوف من غضب الله، والعمل بما أمر الله به.
بالتالي فإن التقوى هي استحضار قوة وعظمة الله في كل فعل تقوم به، حينها فقط تستطيع تمييز إذا كان هذا الفعل صحيح أو لا، فقد قال علي بن أبي طالب عن التقوى: (التقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل).
تحميل خطبة عن التقوى PDF من هنا
خطبة عن درجات التقوى بالإسلام
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، فمن يهده الله فلا مُضل له ومن يضلل فلا هاديّ الله.
أيها المسلمين.. يظن كثير منكم أن التقوى درجة واحدة وهي محاولة تجنب ما نهى الله عنه، ولكنّها درجات فكلما تقدم المسلم درجة تقرّب إلى أعلى درجاتها.
الدرجة الأولى لا تكون إلا حين يحاول العبد اتقاء النار عبر إيمانه بالله -سبحانه وتعالى- وحده وعدم الإشراك به، فلا بُد من التبرؤ من الشرك وأن يكون العبد مؤمنًا بشهادة (أن لا إله إلا الله، وأن مُحمدًا رسول الله) فلا بُد أن يخلص إيمانه لله وحده.
بمجرد التبرؤ من الشرك والإخلاص في توحيد الله يجب الحرص على اجتناب ما نهى الله عنه، وأن يحاول العبد مجاهدة نفسه وترك الصغائر من أجل الله سبحانه وتعالى.
فإن نجح في ذلك بارك الله عز وجل له في حياته وأصبح أقرب إلى الفضيلة فلا يجد لذّته عند فعله السوء بل يسخط عليها.
أي لا يترتب الأمر على تجنب ارتكاب المعاصي فقط، بل ينشأ بداخله خوف من ارتكاب الشبهات، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلّم:
(فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ). الراوي: النعمان بن بشير | المحدث : أبو نعيم | المصدر : حلية الأولياء | الصفحة أو الرقم : 8/144 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ثابت من حديث الشعبي
نقصد بالشبهات ليست المعاصي فقط، بل الأمور التي يختلف عنها العلماء إذا كانت مُحرمة أو لا.
أمّا عن الدرجة الثانية وهي الزُهد بالدنيا أي لا يهم المسلم أمور الدنيا الفانية بل كُل ما يشغله هو دار الآخرة، فلا تجده يبحث عن منزل واسع وأموال وثراء وغيرها من ملذات الحياة.
ثم تأتي مرحلة تقوى الفكر أي لا يشتغل الإنسان سوى بالأمور التي تزيد من مكانته عند ربه، فيضع الله نصب عينيه في كل مكان، وبالتالي تكون الغاية هي الآخرة، مثل أنه يتناول طعامه من أجل امتلاك القوة الكافية لكي يتمكن من إتمام العبادات.
لكن تأتي أهم درجات التقوى وخيرها في تلك التي يحاول فيها العبد أن يُجاهد نفسه وطاقته لكي يبتعد عن الذنب حتى يتمكن من الالتزام بما أمر الله عز وجل به.
لا يفوتك أيضًا: خطبة محفلية عن بر الوالدين قصيرة PDF
خطبة عن فضل التقوى وثمارها
الحمد لله نحمده ونستعين به نستغفره، عباد الله قد حثنا النبي والقرآن على التحلي بالتقوى، فيا أيُّها النَّاس: اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ تُقاه، فإن الدنيا دار فناء واستعداد وإن الآخرة دار الخلود فأعملوا من أجلها، التقوى هي أعلى درجات الإيمان يجني منها المُسلم أفضال وثمار عظيمة بحياته.
- التقوى هي السبب في فلاح الإنسان بحياته وتوفيق:
(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا) (سورة النساء: 131).
- بشر الله المتقين، وما أعظم من تبشير الله للمسلم
(فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً) (مريم:97).
- التقوى من أهم أسباب غفران الله لعباده، وإصلاح حالهم فالتقوى هي الفوز العظيم الذي ينعم به المسلم بالدنيا
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب:71).
- كلما أحسن الإنسان التقوى ووصل إلى أعلى درجاتها فاجئ بسهولة طلبه للعلم،
(وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة: من الآية282).
- من يحرص على التحلي بصفة الأنبياء فعليه بالتقوى فهي من أسمى الصفات التي حرص الأنبياء على الاتصاف بها،
(وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (الزمر:33).
- تقعد من أهم الأسباب التي تؤدي لقبول عمل المسلم عن ربه
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة:27).
- إن المسلم الذي يحاول التقرب من الله ويسير في الطريق السليم عليه بالتقوى فهي من أهم الأفضال التي تُمنح للمسلم في طريقه إلى الله.
- من أهم الأسباب التي تُعين الإنسان وتنصره،
(إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل:128).
لا يفوتك أيضًا: خطبة عن الموت المفاجيء وحسن الخاتمة مكتوبة PDF
خطبة عن التقوى و صفات المُتقين
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب وأتمّ نوره عليه وجعل كيد الكافرين في نحرهم، حيث يرسل الله لنا الرياح بشرى برحمته التي وسعت كل شيء.
اللهم نسألك أن تحفظنا وتسلمنا من العذاب وأن تجعل الجنة دارًا لنا، يا عباد الرحمن إن التقوى ليست فقط بالعمل بل والصفات أيضًا، فإن المتقين يتميزون بصفات تجعلهم خير عباد الله.
- يقوم بالتصدق في سبيل الله بالخفاء دون أن يحاول أن يظهر ذلك للعامة لكي يلقى استحسانهم.
- يحاول مجاهدة نفسه ومسامحة الآخرين والتجاوز عن أخطائهم، فكلما تمكنت من العفو كُلما كُنت أقرب للتقوى.
- يحرصون دائمًا على المسارعة للتوبة النصوحة لله ليكفروا عن ذنوبهم بل ولا يصروا عليها، ويحاولون مُجاهدة أنفسهم.
- إذا حكموا بين الناس لا يحكموا سوى بالعدل، فيعرفوا بالصدق في القول والعمل.
- دائمًا ما يعظمون ما حرمه الله في قلوبهم لكي يخشون القيام به، ولا يتأثروا بأقوال من يحاول الاستخفاف بنواهي الله عز وجل.
- يُؤدون السنن ويقللوا من الانهماك في الشبهات.
- يحرصون على الاجتهاد في طاعة الله، بالدنيا والآخرة، فيحرصوا على أن يكونوا على استعداد دائم للموت والحساب على ما فعلوه بالدنيا.
- يجتهدون في تحقيق الموازنة بين حاجة النفس والجسد.
- مُجاهدة النفس.
في ختام الحديث حول خطبة عن التقوى تعد التقوى هي أعلى مراتب الإيمان، فمن كان حريصًا على التحلي بصفات الأنبياء فليحاول أن يتحلى بالتقوى.