ما المقصود بالحنيفيّة ؟ هذا هو السؤال الذي يدور في ذهن الكثيرين وخصوصًا في الوقت الراهن الذي يشهد تصاعدًا للحوادث والمناوشات بين الأديان والمذاهب.
تُعد الحنيفية واحدة من أبرز المذاهب الإسلامية التي ينتمي إليها ملايين المسلمين في العالم، إلا أن هذا المصطلح لا يزال غامضًا للكثيرين. فما هي بالضبط الحنيفية ؟ وما هي خصائصها ومبادئها الأساسية ؟
هذا ما نتناوله في الحديث عن ما المقصود بالحنيفيّة ، إذ سنعرض لكم الأصول والمفاهيم الأساسية للحنيفية بأسلوب يسهل عليكم فهمها واستيعابها، كما سنسلط الضوء على العديد من المفاهيم المرتبطة بهذه المذهب والتي تُلقي الضوء على مكانتها وأهميتها في الإسلام.
قد يهمك أيضًا: من أول من سل سيف في سبيل الله ؟
ما هي الديانة الحنيفية وما المقصود بالحنيفيّة
تعتبر الحنيفية صفة مشبهة تدل على الثبوت، وتعني الميل إلى الدين الإسلامي الحق، كما أن جذور الحنفية تعود إلى قبل مجيء الإسلام، حيث كان أتباعها يرفضون الكفر والوثنية.
- ويمكن الاستناد هنا إلى سيرة النبي إبراهيم عليه السلام الذي أعرب عن ميله الصادق نحو الله وعبادته، ودعا قومه لترك الأصنام والآلهة الزائفة والعودة إلى طريق الحق والإيمان.
- ويمكن الاستناد هنا أيضا إلى مبادئ الحنيفية الراسخة التي تدعو إلى العدالة والإحسان والتعاون ونشر الخير في العالم، كما يدعون إلى تحقيق السلام والمحبة والتسامح بين جميع الناس، وهو ما يجعل الحنيفية دينا يتسم بالرحمة والتسامح والسلامة النفسية.
الحنيفية هي ملة إبراهيم عليه السلام. فما معنى الحنيفية ؟
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).
- إن الحنيفية هي صفة تدل على الثبات والاتجاه نحو الحق والابتعاد عن الباطل، وهي منهج حياة يسعى إليه المسلمون. ومن أبرز الحنفيين الذين تميزوا بالتمسك بهذه الصفة، النبي إبراهيم عليه السلام، الذي رفض العبادة لغير الله ونصر دين الحق على الكفار والمشركين.
- ويمكننا أن نفهم من خلال تعريف ابن عباس أن الحنيف هو المسلم الذي يتمسك بدينه ويميل إليه على الرغم من وجود أديان أخرى، ويحاول أن يعيش حياته بتوجيهات الإسلام.
- ولذلك، فإن أمر المسلمين بالحنيفية هو دليل على الرغبة في الابتعاد عن الباطل واتباع الحق، وهو منهج النبي إبراهيم عليه السلام الذي نحتذي به اليوم.
معنى الحنيفية السمحة من القرآن والسنة النبوية
عن أحمد بن ابن عباس رضي الله عنه أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أي الأديان أحبك إليك، قال الحنيفية السمحة.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية ولكني بعثت بالحنيفية السمحة”.
وقال الرسول الكريم: “أحب الأديان إلى الله تعالى الحنيفية السمحة”.
كما يقول المولى عز وجل:- “فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ . إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ”.
من هم الحنفاء اليوم ؟
- بعد قدوم الإسلام، تبنّت الحنفية معانٍ جديدة، فأصبحت تشير إلى مسلم يتمسك بدين الإسلام بإخلاص ويعتني بممارساته الدينية، ويحافظ على الأعراف والسنن النبوية.
- ويعتبر الحج والذبح والنزهة عن الكفر والشرك من أبرز تعابير الحنيفية في الإسلام.
- وتحمل هذه المذهبية معنىً عميقاً للعدالة والاستقامة، حيث تشجع على الابتعاد عن الضلال والانحراف، والتمسك بالحق والرشاد.
- وهي تعبر عن الشخص الذي يسير في طريق الله بثبات وإيمان، ويسعى جاهداً لتحقيق الأمل والإيمان بالله.
ما الفرق بين الحنيفيّة والحنفية ؟
- تتداخل المفاهيم والتعريفات في العديد من الأحيان، وقد يتسبب ذلك في بعض الالتباسات والخلط بين المفاهيم المختلفة، كما حدث مع الحنيفية والحنفية.
- الحنيفية هي المنهج الذي اتبعه سيدنا إبراهيم عليه السلام في توحيد الله والابتعاد عن عبادة الأصنام، وهو المنهج الذي ينبغي لكل مسلم اتباعه.
- ومن ناحية أخرى، الحنفية هو المذهب الذي أسسه الإمام أبو حنيفة النعمان، ويتبعه جمهور المسلمين في الفقه وأصول الشريعة.
- وإن كان الإمام أبو حنيفة النعمان شخصية فريدة في التاريخ الإسلامي، فـ هو الذي امتزجت فيه العلوم والمعارف، فـ كان منهجياً حنيفياً يتسم بالعلم والتدين، وكان محط اهتمامه الدائم هو تعلم الفقه وأصول الدين.
- وقد تربى على يد الصحابة الكرام، وسعى جاهداً لـ نشر علوم الإسلام وتعميمها على أوسع نطاق، وهو الذي اشتهر بـ حجته القوية وعلمه الواسع، ويظل مذهبه الحنفي حتى اليوم من المذاهب السنية الشهيرة المتبعة في الفقه وأصول الدين.
قد يهمك أيضًا: كم مرة ذكرت كلمة الجنة في القرآن الكريم ؟
بعد أن قمنا بإلقاء الضوء على مفهوم الحنيفية وأصولها، نستطيع أن نستنتج أن هذا المصطلح لا يقتصر على دين معين، بل يمكن استخدامه لوصف أي شخص يتبع فطرة الله وطريقة الحق.
الحنيفية تجسد الفطرة السليمة التي خلقنا الله عليها، وتعبر عن التوحيد والإيمان بالله ورسوله، وتحث على الأخلاق الحميدة والتعاون والعدل والإحسان.
وهذا ما يجعل مفهوم الحنيفية ذات أهمية كبرى في الحياة الإنسانية، حيث تساعد على بناء مجتمع مترابط ومتكافل، يعيش فيه الناس بسلام واستقرار.
ولذلك، فإن التمسك بفطرة الله والحنيفية يعد من أهم العوامل التي تساعد على تحقيق السعادة والنجاح في الدنيا والآخرة.