إن الله عز وجل لا يفرض على عباده أمرًا إلا لحكمة، ولا يأمرهم بشيء إلا من أجل صلاحهم، من ذلك فرض الصيام.. لم يكن مجرد انقطاع عن الطعام والشراب، إذ إن الله عز وجل لا ينفعه عبادة الطائعين، ولا معصية المذنبين، وإنما هو تهذيب للنفس، وترويضٌ لها على الطاعة والامتثال لأوامره، وزُهدٌ للنفسِ عن الدنيا وشهواتها.
مقدمة بحث عن الصيام
الصوم هو الإمساك عن شهوات الدنيا.. والتعبد إلى الله عز وجل من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، وأن تتعبد إلى الله بمختلف الطاعات التي تُزيد من حسناتك، أو تُنقِص من سيئاتك.
حكم الصوم ودليل مشروعيته
إن صوم رمضان فرض على كل بالغ عاقل، يعد من الأركان الخمسة للإسلام، ذلك على مشروعيته الكتاب والسنة والإجماع، وما دون صوم رمضان فإنه سُنة يُثاب العبد على فِعلها ولا يأثم من تركها.
- قال تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” [ البقرة: 187]
وقوله كُتب عليك: أي فُرِض عليكم.
- روى أبو ذر الغفاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
” قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ فما الصِّيامُ؟ قال: (فرضٌ مجزئٌ وعندَ اللهِ أضعافٌ كثيرةٌ)” الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان الصفحة أو الرقم : 361 | خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف جدًّا
- قول النبي صلى الله عليه وسلم:
” بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ شَهادةِ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّهِ وإقامِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ وصَومِ رمضانَ وحجِّ البيتِ لمنِ استطاعَ إليهِ سبيلًا.” الراوي : – | المحدث : الألباني | المصدر : تخريج مشكلة الفقر | الصفحة أو الرقم : 57 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
- كما أجمعت الأمة على فرضية الصيام، وأن إنكاره كفر وارتداد عن الإسلام.
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن رمضان بالعناصر الكاملة قصير
الحكمة من مشروعية الصيام
- كسر العادة في العبادة: فإن العبد إذا الِف الطاعة لم يستشعر بها بقلبه، وفقد الإخلاص وزيادة إيمان القلب، لذا فإن الصوم يجدد الإيمان في النفوس، ويربيها عن العادات السيئة.
- المساواة بين الغني والفقير: من خلال الإحساس بالفقير والشعور بمعناته إثر الجوع والعطش وعدم القدرة على تلبية احتياجاته الأساسية، فضلًا عن كون هذا التساوي يزرع في النفس أن القرب إلى الله ليس إلا بالعمل الصالح.
- قوة الإرادة وجهاد النفس: من أكثر ثمار الصوم كونه يربي المؤمن على مجاهدة نفسه وهواه عن كل ما يغضب الله عز وجل، والصبر على الطاعة، وكذا الصبر على ترك المعصية، من ثم لا تتمكن شهواته من أسره.
- تقدير النعم: فإذا شعر العبد بالفقراء، ورأى كم النعم التي أنعم الله بها عليه فإن ذلك يكون دافعًا على شكره وحين عبادته، كما أنه بامتناعه عن الأكل والشرب لمدة معينة، يذكره بأن الله لم يمنعه من ذلك بصفة دائمة فيشكر الله على ذلك.
- إظهار عبادة الله عز وجل في المجتمع: وفيه تتحقق العديد من الفوائد، إذ يخلق ذلك جوًا إيمانيًا يشجع على التوبة إلى الله والإنابة، والإقدام على الطاعات بشكل كبير، كما أن العاصي أو الكافر يشعر بالذل والهوان، وينفر من أفعاله ومعاصيه.
- تربية النفس على الأمانة: فإنه لما كان الصوم عبادة سرية كان قائمُا على الأمانة مع الله عز وجل، لذا فإن العبد إذا كان أمينًا مع الله عز وجل، كان حريٌ به أن يكون أمينًا مع الخلائق.
- تضييق مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم: وذلك لأن النبي صلى الله عليه ويلم قال: ” إنَّ الشَّيطانَ يَجري مِن ابنِ آدمَ مَجرى الدَّمِ”، لذا فإنه الصيام يمنع وساوس الشيطان ويقبل على الله عز وجل بالطاعات.
- كسر النفس: فإنه بالصيام يشعر العبد بافتقاره إلى الله عز وجل، وحاجته إليه، وأنه ضعيف دون تقوية الله له، وحفظه له، كما أن فعل كافة الشهوات التي يمنعها الصوم تجلب الرياء والظلم والغفلة في نفوس العباد.
- تخلي القلب: بمعنى أن الصوم ينقي القلب، ويجعل القلب ملئ بحب الله وعبادة وحب القرب منه، وتخليته عما سواه، ويصبح القلب ملء بالذكر والطاعة لله عز وجل.
آداب الصيام وسننه
- تأخير السحور: إذا إن ذلك كان فعل النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، والدليل على ذلك ما رواه زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه قال:
” تسحَّرْنا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ثمَّ قمنا إلى الصَّلاةِ قلتُ كم بينَهما قالَ قدرُ قراءةِ خمسينَ آيةً” الراوي : زيد بن ثابت | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه | الصفحة أو الرقم : 1383
- تعجيل الفِطر: فكان هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما أنه حث على ذلك في أحاديثه، فقال: “ لا يَزَالُ النَّاسُ بخَيْرٍ ما عَجَّلُوا الفِطْرَ” (صحيح البخاري).
- يُفطر على تمرات أو رطب أو شربة ماء.
- أن يدعو الصائم على الإفطار، فإنها دعوة مستجابة، قال النبي في الحديث: ” ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ.”
- الإكثار من الذكر وقراءة القرآن والجود: وكان النبي صلى الله عليه وسلم جوادًا كريمًا، كان كثير العطاء والتصدق، يُؤْثِر المحتاجين على نفسه وآل بيته.
- أن يحفظ العبد لسانه ويصون جوارحه من ارتكاب الذنوب والمعاصي، روى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم أنه- قال:
” من لم يدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ بِهِ، فليسَ للَّهِ حاجةٌ بأن يدَعَ طعامَهُ وشرابَهُ.” الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم : 707 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
بم يبطل الصيام؟
توجد العديد من الأمور التي تٌبطل الصيام، والتي بعضها لا يأثم بها العبد، وبعضها يأثم بسببها، والتي بينها النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من أحاديثه، هي:
- الاستقاءة: وهي أن يتعمد العبد القيء، وهذا قول جمهور الفقهاء.
- الجماع: وذلك لقول الله عز وجل: “ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ …” (سورة البقرة: 187)
- الحيض والنفاس: وذلك أن تكون المرأة صائمة ثم ينزل عليها دم الحيض أو النفاس قبل الغروب، وهذا لا تأثم بسببه، إذ لا دخل لها في بطلان الصيام به.
- الأكل والشرب عمدًا: وهو أنم يدخل العبد شيئًا في جوفه من الطعام أو الشراب عامدًا متذكرًا الصيام، ويأثم العبد بذلك، ويتوجب عليه القضاء.
- الأدوية التي تتناول عن طريق الفم: إما بالبلع أو من خلال امتصاصها، وتلك تبطل الصوم، إلا أنه يتوجب عليه القضاء دون إثم.
- نزول المني بالمباشرة أو الاستمناء.
- التدخين أو شرب المخدرات أو مضغها أو استنشاقها أو أخذها بالحقن.
- الرّدة: وهي أن يخرج عن الإسلام، لأن الصيام فرض على المسلم وبالرّدة فإنه يكفر.
لا يفوتك أيضًا: هل البلغم يفطر في نهار رمضان ؟
أمور لا يفطر بها الصائم
- عمل الحجامة
- بلع الريق وإن كثر ذلك.
- المضمضة والاستنشاق دون مبالغة.
- خروج الدم من الأسنان أو الجوف.
- ما لم يتعمد بلعه.
- الأكل أو الشرب ناسيًا.
- وضع الكحل.
- مضغ العلك دون طعم أو تذوق طعام دون وصوله إلى الجوف.3
- وضع الحناء أو العطر أو الحنظل.
- استعمال السواك، سواء كان رطبًا أو يابسَا.
- جرح الرأس.
- طعام وجد بين الأسنان أي وقت ما دام قد رماه ولم يبتلعه.
فضل الصيام
- مضاعفة الثواب والأجر على الأعمال.
- أن الصوم لله: فقد جاء في الحديث القدسي أن الله عز وجل قال:” كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يُضاعفُ؛ الحسنةُ بعشرِ أمثالِها، إلى سَبْعِمائةِ ضِعفٍ، قال اللهُ تعالى: إِلَّا الصَّوْمَ؛ فإنَّه لِي، وأنا أجزي به.”
- خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك: وذلك لما رواه أبو هريرة عن رسول الله قال:” لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ.”
- يدخل من باب الصيام: فقد أعد الله عز وجل للصائم لا يدخل منه إلا هو، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
” إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل معهم أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد.” الراوي : سهل بن سعد الساعدي | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم : 1152 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
- أن الصوم في سبيل الله يبعد العبد عن النار نحو سبعين خريفًا.
- وقاية للعبد من النار.
- شفاعة لصاحبه يوم القيامة.
لا يفوتك أيضًا: أهم 10 معلومات عن شهر رمضان المبارك
خاتمة بحث عن الصيام
إن الصيام ليس مجرد عبادة بل هي تربية للعباد وتهذيب للنفوس، لذا لابد من الحرص على الإكثار في العبادة، واستشعار الحكمة من الصيام، من أجل زيادة إيمان العبد.
إن فضل الصائم عند الله لا يساويه فضل، وكذا أجر الصائم لا يساويه أجر، وإن العبد الصائم ليدعو الله بما شاء فيستجيب له بفضله وكرمه.