كان العالم قديمًا يقوم باستخدام نظام المقايضة قبل ظهور ثقافة العملات المعدنية، وكانوا يعتمدون على ذلك في تبديل الأشياء التي لا يحتاجونها، بأشياء أخرى يحتاجونها، يتعامل بهذا النظام العالم بأسره، لكن مع تطور العصور أصبح التداول بالعملات، واندثرت ثقافة المقايضة.
تاريخ العملات الإسلامية الأولى
كان المسلمين يقومون باستخدام العملات النقدية من منذ عهد الرسول صل الله عليه وسلم، وكانوا يتعاملون بالدينار والقنطار وغيرها من العملات البيزنطية والفارسية، وقد ثبت ذلك في القرآن الكريم.
حيث قال الله تعالى: ” وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا… ” (آل عمران: 75)
- ظل استخدام العملات البيزنطية والفارسية والدراهم في عهد الخليفة أبو بكر، وقد فرضت الزكاة على المسلمين بصورة هذه العملات بدون أن يتم تغييرها.
- في عهد الخليفة عمر بن الخطاب.. قام المسلمون بإضافة كلمات عربية على العملات البيزنطية والفارسية، مثل كلمات الحمد لله، الله أكبر، محمد رسول الله، وإضافة أسماء الخلفاء الراشدين.
1- العملات الأموية
قامت الدولة الأموية بسك العملات الخاصة بها، بعد أن بدأ الإسلام في التوسع والانتشار في جميع بقاع الأرض.
- قام الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بسك أول العملات العربية الإسلامية، وكانت تسمى الدنانير في العام 65 هـ.
- كانت العملات لا تزال تأخذ الطابع البيزنطي، وكانت العملات تسك في دار السك داخل مدينة الإسكندرية.
- في العام 75 هـ أصبح هناك دور سك تخص العملات الإسلامية، مدون عليها عبارات التوحيد وإلغاء صورة هرقل وولديه بكتابات دائرية كوفية.
- كانت العملات من الأشياء التي تعكس الفن الإسلامي والثقافة الإسلامية في ذلك الوقت، وخلع عباءة التراث البيزنطي الذي لبسته الجولة الإسلامية لعهود وسنين طويلة.
2- العملات العباسية
ظلت العملات تأخذ نفس الطابع الأموي في العصر العباسي، ولم يحدث فيها التغيير الكبير.
- تمت إضافة تاريخ إصدار العملة، واسم الخليفة على العملات التي كانت تصدر في العصر العباسي.
- كانت العملات تتميز بدقة الخط الكوفي المكتوب عليها، وخفة حجم العملات.
- تشابهت العملات العباسية مع عملات الدولة الإخشيدية، والدولة الطولونية.
3- العملات الفاطمية
تطورت العملات الإسلامية في العصر الفاطمي، حيث زاد الترف والثراء فأصبح ذلك يطغى على أشكال العملات.
- اختلفت العملات في الشكل والمضمون، فأصبحت كثيرة النقوش والزخرفة في كل من وجهيها.
- تميزت العملات بوجود 3 دوائر متداخلة مكتوبة بالخط الكوفي، والوجه الآخر يحتوي على اسم الخليفة.
4- العملات الأيّوبية
أصبحت العملات الإسلامية تختلف في الطابع والمضمون لها، كما أنها اختلفت في التكوين الخاص بالعملة.
- تم إلغاء كتابة صيغة التوحيد، والاكتفاء بكتابة لفظ الجلالة، واسم حاكم مصر في ذلك الوقت.
- استُخدم النحاس لأول مرة في سك العملات، بعد أن كان الذهب والفضة هما المادتين اللاتي يتم استخدامهما في صناعة العملات.
- استخدم الخليفة نور الدين محمود، والخليفة صلاح الدين الأيوبي النحاس في صناعة العملات؛ ليسهل تداولها تجاريًا، بعد استقلالهم عن الحكم الزنكي.
- تم نقش العديد من الصور والأشكال على العملات، والتي كانت جميعها تعكس القوة التي كانت تتمتع بها الدولة الأيوبية.
5- العملات المملوكية
تم كتابة اسم شجرة الدر على العملات التي تم سكها في عصرها، وإرجاع صيغة التوحيد مرة أخرى إلى العملات المعدنية.
- كُتب على العملات: (المستعصمية الصالحية ملكة المسلمين والدة المنصور خليل أمير المؤمنين)، وحولها صيغة طويلة للتوحيد: (لا إله إلا الله محمد رسول الله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله).
- تعتبر هذه العملات من أندر العملات المعدنية على مر التاريخ، حيث إن حكم شجرة الدر لم يتجاوز الشهرين.
- بعد أن تولى قطز ولاية المماليك، تم سك اسمه على العملات ليصبح: (الملك المظفر سيف الدنيا والدين قطز).
- تم تغيير العملات مرة أخرى بعد تولي الظاهر بيبرس، وتميزت بشكل زخارفها الراقي والدقيق.
- في عهد مماليك الجراكسة (البرجية)، تم إنشاء دار جديدة لسك العملات في الإسكندرية بجانب دار السك في القاهرة.
6-العملات العثمانية
بدأ في ذلك العصر انسلاخ العملات الإسلامية عن الطراز الإسلامية، وظهور العملات التي تعبر عن الحكام والسلاطين فقط.
- تم إزالة جميع عبارات التوحيد، والآيات القرآنية التي كانت موجودة على العملات المعدنية.
- وضعت الألقاب الفخرية للحكام العثمانيين مثل (صاحب العز والنصر في البر والبحر).
- احتوت العملات العثمانية على الكثير من الأسماء، وكل عملة تعبر عن قيمة مختلفة عن الأخرى، فكانت أصغر عملة تسمى البارة.
أسماء العملات العثمانية
1- السحتوت
- من أصغر العملات في الحجم والقيمة في الدولة العثمانية.
- تم سكها بمعدن النحاس.
2- البارة
- هي أصغر عملة تم نقشها في العصر العثماني، وتعني كلمة البارة المال.
- تم سكها بمادة الفضة.
- كان وزن البارة كبير، حيث كانت تزن 6 قيراط ونصف.
3- القرش
- عملة أكبر من البارة تم إصدارها في عهد السلطان أحمد مصطفى الثاني.
- كان القرش الواحد يساوي 10 بارات.
4- البشلك
- تم سك العملات من النحاس والفضة.
- كان يتميز بلونه الأحمر.
- البشلك الواحد يعادل 5 قروش، أي 50 بارة.
5- البرغوث
- من أبرز العملات التي تم سكها في عهد السلطان عبد المجيد.
- سكت العملة بالفضة.
- انقسم البرغوث إلى برغوث كبير وصغير.
- البرغوث الكبير يعادل 100 بارة.
6- الليرة العثمانية
- من أهم العملات التي تم سكها في العصر العثماني.
- أخذت العديد من الأسماء اعتمادًا على اسم السلطان الذي تولى الحكم.
- اتخذت العديد من الفئات، وتطورت الليرة العثمانية، ولا تزال تستخدم حتى هذه اللحظة في العديد من البلدان العربية، والتركية.
- كانت العملات المستخدمة في العصر الإسلامي قديمًا تعكس بصورة كبيرة الطراز الإسلامي والعزة والقوة، التي كانت تتمتع بها الرقعة الإسلامية الكبيرة في ذلك الوقت بعد عهد الرسول.
بداية انتشار العملات الورقية في الدول العربية
بعد انتشار العملات المعدنية العالم ككل والعالم الإسلامي بخاصة، أصبح أكثر عرضة للسرقة.
- كان التجار يجدون صعوبة في تداول العملات المعدنية؛ لأنها كانت تتمتع بوزن ثقيل.
- بدأ تداول الأوراق النقدية في البداية على صورة مستندات.
- الصين هي أول دولة تبتدع الأوراق النقدية التي يمكن استعمالها بدلًا من العملات النقدية.
- تم تداول العملات في مختلف الدول، إلى أن وصل إلى العالم العربي.
- مع انتشار الأوراق النقدية بدأت العملات المعدنية في الاندثار إلى أن أصبحت العملات الورقية هي الطاغية في العصر الحالي.
في ختام الحديث حول تاريخ العملات الإسلامية لا زال استخدام العملات المعدنية موجود حتى الآن، و يعبر عن القيم الصغيرة من العملة.