الإسلام

كم يبلغ عدد الأنبياء كما ورد في السنة النبوية ؟

أشار القرآن الكريم إلى عددٍ من الأنبياء والرسل إجمالًا، بينما صرح عن أسماء مجموعة منهم، وبين هؤلاء وأولئك اجتهد العلماء والمفسرون في جمع أسمائهم وترتيب أزمنة بعثتهم، ومما وصل إلينا ما استدل عليه من القرآن، ومنه ما كان بالاجتهاد.

عدد الأنبياء كما ورد في السنة

أرسل الله – سبحانه وتعالى – سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – نبيًا ورسولًا إلى العالم أجمع، وسبقه بالوحي والرسالات مجموعة من الأنبياء والرسل؛ ابتعث كلٌ منهم في أمة، تباعًا أو تزامنًا، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا في أكثر من موضع نذكر منها قوله تعالى:

وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ ” ﴿١٤٤ آل عمران﴾،

 ” وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ” ﴿٦ الزخرف﴾.

قبل التعرف على كم يبلغ عدد الأنبياء تجدر الإشارة إلى أنه يختلط على بعض الناس مصطلحان يتشابهان في مضمونهما المعنوي، لكن يختلف التوصيف الخاص بكل منهما، وهذان المصطلحان هما “النبي” و”الرسول”.

اتفق أهل العلم – استنادًا إلى ما ورد في القرآن والسنة – على أن النبي والرسول تربطهما علاقة عموم وخصوص، فالنبي – كما عرفه العلماء – هو كل من تلقى وحيًا من الله تعالى، سواءً أُمر بالتبليغ أم لا.

أما الرسول فهو كل من اُوحي إليه بشرعٍ جديد، وتلقى الأمر بتبليغه للناس، وعليه يمكن الإشارة إلى الرسول بوصفه رسولًا أو نبيًا، بينما لا يجوز العكس؛ إذ يظل النبي نبيًا ما دام لم يؤمر بتبليغ ما تلقى من وحي.

ورد في السنة النبوية الصحيحة ما يشير إلى عدد الرسل إجمالًا، ولعل أكثرها صحةً هو ما ورد في حديث “أبي ذر”، بناءً عليه تبين أن عدد الأنبياء بلغ 124.000 نبيًا، منهم من ورد اسمه في القرآن .

ومنهم من ثبت اسمه في السنة النبوية المطهرة، أمثال نبي الله “شيث“، والذي ورد عنه في صحيح ابن حبان أنه تلقى خمسين صحيفة، كما ورد عن أبي ذر مرفوعًا.

إلى جانب نبي الله “يوشع بن نون” الذي تشير كل الدلائل إلى أنه فتى سيدنا موسى – عليه السلام – وقد ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:

“قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غزا نبي من الأنبياء… فقال للشمس أنتِ مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها عليَّ شيئًا”.

تعرف على: من هو النبي المدفون في الجزائر

عدد الأنبياء المذكورين في القرآن الكريم

بعد التعرف على كم يبلغ عدد الأنبياء في السنة؛ نشير إلى ورود ذكر 25 نبيًا ورسولًا في القرآن الكريم، ثمانية عشر منهم في سورة الأنعام، والبقية ذُكروا في سور متفرقة.

أما الذين ورد ذكرهم في سورة الأنعام فهم أنبياء الله: إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، ونوح، وداوود، وسليمان، وأيوب، ويوسف، وموسى، وهارون، وزكريا، ويحيى، وعيسى، واليسع، ويونس، ولوط عليهم جميعًا السلام.

ورد ذكرهم في قوله تعالى:

” وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ* وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ” ﴿٨٣ الأنعام﴾

أما بقية الأنبياء الذين تفرق ذكرهم في القرآن فهم أنبياء الله: آدم، وهود، وصالح، وشعيب، وإدريس، وذو الكفل، ومحمد عليهم جميعًا الصلاة والسلام، وقد ورد ذكرهم في المواضع القرآنية الآتية:

إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا” (33: آل عمران)

وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا” (65: الأعراف)

وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا” (61: هود)

وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا“. )85: الأعراف)

وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ“. (85: الأنبياء)

مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ”.(29: الفتح)

تعرف على: هل يجوز التوسل بالنبي ؟ وما هو حكم التوسل

الثلاثة المختلف في نبوتهم في القرآن الكريم

تضمن القرآن الكريم ذكر ثلاثة من الأسماء التي اختلف فيهم، هل هم من الأنبياء أم الصالحين، وهم: تبع، والخضر، وذو القرنين، فقد ذهب حزبٌ من أهل العلم إلى أن “ذا القرنين” و”تبع” هما من الأنبياء، لكن الأولى في هذه المسألة الخلافية أن يُترك البحث فيها.

فقد ورد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال “ما أدري أتبع أنبياً كان أم لا؟ وما أدري إذا القرنين أنبيا كان أم لا؟” رواه محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وحدَّث به البخاري، وأشار إلى ضعف إسناده.

أما “الخضر” فقد رجح أهل العلم نبوته؛ ذلك لما ورد في قوله تعالى

وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي” ﴿82 الكهف﴾،

أي أنه قد تلقى وحيًا من الله تعالى يأمره فيه بفعل جميع ما فعل من خرق السفينة، وقتل الغلام، وخلافه.

تعرف على: بوستات عن سيدنا محمد وأجمل ما قيل عن النبي عليه الصلاة والسلام

تسلسل بعثة الأنبياء والرسل في القرآن الكريم

بعد الإشارة إلى كم يبلغ عدد الأنبياء والرسل؛ نشير إلى أنه حسب التسلسل الزمني لبعثة كل نبي ورسول؛ فقد اتفق جمهور العلماء على ترتيبهم كالآتي:

البداية مع أبو الأنبياء – آدم عليه السلام – ثم ابنه “شيث” على أصح أقوال أهل العلم، فقد ورد عن ابن كثير رضي الله عنه أنه قال

فلما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام، وكان نبيا بنص الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه، عن أبي ذر مرفوعا: أنه أنزل عليه خمسون صحيفة (البداية والنهاية).

ثالث الأنبياء والرسل هو إدريس عليه السلام، استنادًا لقول ابن كثير في البداية والنهاية

وكان أول بني آدم أعطي النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام “.

ثم “نوح” عليه السلام، حيث فسر ابن كثير الهاء في قوله “ومن ذريته” أنها عائدةٌ إلى سيدنا نوح؛ كونه أقرب المذكورين في الآية.

يلي ذلك سيدنا “هود” عليه السلام، الذي نص القرآن على أن قومه “عاد” هم من خلفوا نبي الله نوح عليه السلام، بعد ذلك بعث الله نبيه “صالح” عليه السلام، ثم نبي الله “إبراهيم”، والذي يظهر أنه عاصره نبي الله “لوط” عليه السلام، كما جاء في قوله تعالى

فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ” ﴿26: العنكبوت﴾.

يذكر أهل العلم أن بعثة نبي الله “شعيب” تلت “لوط” عليه السلام بزمن قريب، وقال ابن كثير في كتابه البداية والنهاية عن قوم شعيب:

كان أهل مدين قوما عربا يسكنون مدينتهم مدين، التي هي قرية من أرض معان، من أطراف الشام، مما يلي ناحية الحجاز، قريبًا من بحيرة قوم لوط، وكانوا بعدهم بمدة قريبة.

بعد إبراهيم ولوط عليهما السلام كان ذرية إبراهيم “إسماعيل وإسحاق”، ثم نبي الله “يعقوب”، ثم ابنه “يوسف”، بعد ذلك جاء “أيوب” عليه السلام، ثم “ذو الكفل”، والذي استدل على نبوته من ذكر اسمه في سياق الأنبياء المذكورين في آية سورة الأنعام.

ثم ابتعث نبي الله “يونس” عليه السلام، والذي لم يتأكد زمن بعثته، والأرجح أنه كان قبل سيدنا موسى – عليه السلام – لأن الله تعالى استثنى قومه من العذاب بعد أن أعلنوا إيمانهم، بعد ذلك كان “موسى وهارون” وعاصرهم “الخضر” عليهم جميعًا السلام.

تلا أولئك الأنبياء نبي الله “يوشع” فتى موسى على أصح الأقوال، ثم “إلياس” ثم “اليسع”، واللذان أتبعا ببعثة النبي المشار إليه في قوله

أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ﴿246: البقرة﴾.

اختلف أهل العلم في اسم هذا النبي، ولم يرد أنه ثبت اسمه في التفاسير، وقد عاصره “داوود”، فابنه “سليمان” عليهما السلام، ثم بعث الله “زكريا” وابنه “يحيى”، ثم عيسى عليهم السلام جميعًا، ثم كان الختام مع نبي الله “محمد” صلى الله عليه وسلم.

بعد التوصل إلى إجابة عن كم يبلغ عدد الأنبياء والرسل، يجب التنويه عن أن الواجب علينا الإيمان بهم إجمالًا وتفصيلًا، فهو من أصول الإيمان، ومما تقوم عليه عقيدة المسلم.

زر الذهاب إلى الأعلى